يمكن تعريف الديمقراطية بأنها نظام الحكم الذي يعطي الأولوية لحرية الفرد وتمثيل الشعب مباشرة أو غير مباشرة عبر المؤسسات المنتخبة. وعلى الجانب الآخر، ينطوي الإسلام كدين شامل ومناهج حياة متكاملة على قيم أخلاقية واجتماعية معينة.

عند النظر إلى هذه المفاهيم منفصلة، قد تبدو هناك تنافر محتمل بسبب الاختلاف الواضح فيما يتعلق بطبيعة السلطة والقوانين الاجتماعية الأساسية لكل منهما؛ ففي حين تؤكد الديمقراطية بشدة على وضع قوانين مدنية تخدم مصالح الأغلبية وتتسم بالمرونة للتكيف مع المتغيرات الزمنية والمجتمعية المختلفة، فإن الشريعة الإسلامية تعتمد أساسا على الوحي الإلهي المنقول عبر القرآن والسنة ويجب تطبيقها كما هي بلا تغيير وفق تعاليم أهل الذكر.

التعاون والاستيعاب

لكن رغم ذلك، ليس مستحيلا ولا مستبعدا تماما تحقيق توافق بين هذين النظامَين إذا رُوعيت الظروف المحلية والعادات الخاصة بكل مجتمع إسلامي بالإضافة لإدراك طبيعة كل واحد منهم وفهم تأثيرهما المشترك:

• الإطار الشرعي العام : لدى المسلمين اعتقاد راسخ بأن الحاكم لا يُحق له حكم البلاد إلا بعد حصوله على إذن شعبي واضح وذلك باتباع إجراءات انتخاب ديمقراطية مماثل لما هو معمول به حالياً في العديد من الدول ذات الغالبية المسلمة.
• القيم الأخلاقية الموحدة: تشترك الديمقراطية والإسلام بمجموعة مشتركة ومتشابهة من القيم الإنسانية مثل العدالة والمساواة والحريات العامة والتي تعد جزء أصيل ثابت ضمن دستور المجتمع المدني الحديث وكذلك في التعاليم الدينية للإسلام.
• الدستور كأساس للحكم: إن وجود وثيقة رسمية تحدد حقوق المواطنين وواجباتهم تضمن احترام تلك الحقوق وعدم انتهاكها بواسطة أي جهة كانت داخل الدولة سواء كانت حكومتها المركزية أم الفرعية أمر مطلوب بإلحاح حتى وإن كان مصدر نصوص تلك الوثيقة مختلفة بين المصدر الروحي المقدس وباقي الأمثلت الأخرى التي تستند أساساً لقانون صنعته البشر

إن فهم عميق لكيفية اشتغال كل واحدة منها يساعدنا نحو بناء نموذج سياسي فعال يحفظ ويعزز حلول وسط تسوده روح التقارب الودي عوض الصراع المحتدم والذي ربما يؤدي لعواقب وخيمة وغير مرغوبة لدى الطرفان.