• صاحب المنشور: كشاف الأخبار
  
  ملخص النقاش:
  

  شهد العالم خلال العقود القليلة الماضية تحولات تكنولوجية هائلة أثرت بصورة مباشرة وغير مباشرة على مختلف جوانب الحياة اليومية. ومن بين هذه الجوانب، شهدت سوق العمل تغييرات عميقة ومتسارعة نتيجة التطور الهائل للتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي. يشكل هذا التحول الرقمي ثورة حقيقية لديها القدرة على إعادة تشكيل الهياكل الاقتصادية والمجتمعات بأسرها. ويأتي ذلك وسط مخاوف بشأن فقدان الوظائف التقليدية وانعدام فرص عمل جديدة تواكب المتطلبات الجديدة لسوق العمل الرقمي الحديث.

آثار التحول الرقمي على سوق العمل:

عززت الأتمتة والتكنولوجيا الحديثة كفاءة الإنتاج وتيسير العمليات التجارية، مما أدى إلى توفير الوقت والجهد للمؤسسات والشركات المختلفة. وفي حين قد يؤدي هذا الأمر إلى زيادة العائدات والأرباح، إلا أنه سيخلق أيضاً مشكلة بطالة كبيرة بسبب استبدال الآلات للعمال البشريين في العديد من الصناعات. فعلى سبيل المثال، استغنت شركات الخدمات اللوجستية وكبرى محلات البيع بالتجزئة مثل أمازون عن آلاف الوظائف التقليدية بعد اعتماد الروبوتات والممرات التسلسلية الذكية التي تعمل بتقنية التعلم الآلي.

وفي المقابل، فتح المجال أمام مهن جديدة لم يكن لها وجود سابقاً لتلبية الاحتياجات الناجمة عن الثورة الرقمية. فمنذ ظهور الإنترنت في بداية القرن الواحد والعشرين، ظهرت تخصصات في مجالات يطلق عليها المهارات الرقمية أو "Digital Skills". تشمل هذه التخصصات البرمجيات الحاسوبيّة، تصميم واجهات المستخدم، الأمن المعلوماتي، وتحليل البيانات الضخمة. وقد أصبح الطلب متزايدًا على هؤلاء المحترفين الذين يتمتعون بفهم دقيق لبيانات الأعمال واستخداماتها العملية والقدرة على تطوير حلول مبتكرة باستخدام التقنية المعاصرة.

التدابير الحكومية والالتزام المجتمعي لدعم الانتقال نحو اقتصاد رقمي شامل

لتسهيل عملية الانتقال بسلاسة وضمان عدم حرمان أي فرد من الوصول لهذه الفرص المستقبلية المرتبطة بالاقتصاد الجديد؛ يتعين اتخاذ إجراءات عاجلة وتعزيز جهود التوعية بمجالات التعليم والتدريب الخاصة بهذا القطاع الحيوي الحديث. ويتطلب ذلك تعاوناً وثيقاً بين الحكومة ومراكز البحث العلمي وشركات التكنولوجيا العالمية لإعداد خطط قابلة للتطبيق ترفع مستوى علم المواطنين وكذلك تدريب الأفراد الراغبين بعمل تحسين وظائفي شخصيًا خاصتهم. علاوةً عن ضرورة خلق بيئة تنافسية داخل الأسواق توفر دعمًا مباشرًا للأعمال الصغيرة وخارج نطاق الشركات الكبيرة لضمان انتقالٍ مُرضٍ لكل الفئات دون تمييز اجتماعي وفكري. بالإضافة لذلك فإن بناء بنى تحتية قوية لأجل الشبكات العنكبوتية عالمياً أمر حيوي لتوحيد تجارب استخدام الانترنت عالية السرعة والتي ستكون عاملاً رئيسياً ضمن عوامل نجاح الدول عند دخولها لعصر المعلومات والثورة الصناعة الرابعة بإعتبارها إحدى أهم مرتكزاته الرئيسية أيضًا.

مستقبلاً إن كان يحمل معه الكثير من الغموض لكنه كذلك يحفل بالإمكانيات غير المسبوقة للإنسانية جمعاء لتحقق رؤيتها المستقبلية المشرفة فيما لو تمت إدارة تلك التغيرات بحكمة وبروح تضامن أخوي تسوده العدالة الاجتماعية لبناء مجتمع عصري متحضر قادرٌعلى مواجهة كافة التحديات والاستفادة المثلى ممّا تقدمه لنا رحلة عصرنة عصر جديد يعيش فيه الجميع حقوقهم كامِلها بلا انتقاص ولا خلاف .