في سلسلة أحاديثه المطهرة التي تضيء طريق المسلمين، نجد هذه النصيحة القيمة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي نقلها لنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. يقول ابن مسعود: "لا يجعلن أحدكم للشيطان شيئاً من صلاته". هذا يعني بكل بساطة أن المسلم يجب ألّا يعطي الشيطان فرصة للتلاعب بصلاة الشخص بطرق غير مشروعة.
الشيطان قد يحاول دفع المؤمن لتحديد بعض الأفعال في الصلاة كواجبات دينية ليست كذلك في الواقع. مثال على ذلك الاعتقاد بأن الإنصراف دائماً نحو الجانب الأيمن أثناء الخروج من الصلاة يعد شرطاً ضرورياً للقبول - وهو أمر خلاف هديه صلى الله عليه وسلم. الرسالة واضحة هنا: لا تتبع الأفكار والشائعات التي يمكن أن تشوه صلواتك وتجعلها أقل قبولاً عند الله سبحانه وتعالى.
كان عبد الله بن مسعود يشدد على أهمية عدم اليقين بشأن الأمور الغير مثبتة دينياً، قائلاً "لا يجعلن". ويؤكد العديد من العلماء مثل ابن هبيرة، وابن الجوزي، وابن الملك وغيرهم أن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة يكمن في تجنب الأمر الذي يعتبرونه صحيحا بينما ليس له أساس شرعي. لذلك فإن فعل الشيء فقط بناءً على افتراض شخصي وليس بدليل شرعي يعد نوعا من الاستسلام لإغراءات الشيطان.
بالنظر إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالتوجهات خلال الصلاة، يبدو أن السنة النبوية تسمح للمسلم بالانصراف من جانبه المناسب بحسب ظروفه الشخصية وحاجاته. كما ورد في الحديث السابق, كثيرا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يساره بسبب موقع البيوت من تلك الناحية. وهذه هي الطريقة الأكثر سهولة بالنسبة له وللحاضرين معه.
بشكل عام، يمكن تلخيص الأمر كالآتي: كن مرناً ومتبعاً للسنة المحمدية في جميع جوانب حياتك الدينية بما فيها الصلاة. لا تستدرج نفسك لتحمل عبئا غير ضروري ولا داعي له بناءً على معتقدات شخصية بدون دعم شرعي واضح وصريح.