يُعد موضوع "الرديد"، أي الإرجاع الجزئي لمبالغ تأمين السيارات بعد انتهاء فترة الاتفاق، مسألة تحتاج إلى فهْمٍ عميق لتطبيقاتها المالية والمعاملات التجارية ضمن الضوابط الشرعية. يُمكن تصنيف التأمين فيما يتعلق بالسيارات إلى نوعين رئيسيين: التأمين التعاوني والتأمين التجاري.
تأمين السيارات التعاوني: وفقًا لهذا النوع من التأمين، يتم جمع اشتراكات جميع المشاركين في صندوق مشترك لإدارة المخاطر المحتملة. إذا حدث فائض غير متوقع - مما يعني أن تكلفة المطالبات كانت أقل بكثير من الاشتراكات التي تم جمعها - يُمكن توزيع هذا الفائض بين المشاركين كإعادة جزئية للمبالغ الأصلية. وفي حالة وجود نقص، تُستخدم الاحتياطيات لسد الفجوة. ومع ذلك، يجب التأكيد هنا أنه لا ينبغي أن يستفيد مدير الشركة من هذه العملية وأن تفاصيل كيفية استخدام هذا الفائض يجب أن تكون واضحة ومحددة في العقود والشروط الأولية للتأمين.
تأمين السيارات التجاري: وعلى الجانب الآخر، يشكل هذا النوع من التأمين خطرًا شرعيًا لأنه يقوم أساسًا على منطق القمار، إذ تقوم شركة التأمين باستلام دفعات ثابتة (الأقساط)، وتتحمل الخسائر عندما تحدث مطالبات أكبر من مجموع الأقساط المتلقاة. وبالتالي، فإن أي فائض يولده هذا النظام يعتبر ربحاً لصالح الشركة وليس له علاقة بالمؤمن لهم. وهنا يكمن التحريم.
إذا وجد الشخص نفسه مجبراً على اختيار أحد هذين الطريقين بسبب عدم توافر خيارات أخرى (مثل التأمين التعاوني)، فقد يجيز بعض الفقهاء العمل بالتأمين التجاري بحذر شديد تحت ظروف خاصة ومن دون مشاركة متعمدة في أعمال محظورة كتلك المرتبطة بإيداعات أموال مستخدمة بطرق ربوية.
وفي سياق قضيتنا محل البحث اليوم، عند تقديم شركة التأمين لمبلغ "الرديد"، ليس هنالك مانع شرعي لاستلام تلك المبالغ بغض النظر عن سبب إعادة صرفها، طالما أنها ليست نتيجة لاتفاق سابق للاستثمار بالأعمال المحرمة والتي قد تضمنت تقاسم الأرباح والخسائر عبر مؤسسات مالية تحظرها الشريعة الإسلامية.
خلاصة الأمر: إن فهم طبيعة نظام التأمين الخاص بسيارتك أمر ضروري قبل الانخراط فيه واتخاذ القرار المناسب بناء عليه وفقًا للقواعد والقوانين الموضوعة من قِبل السلطات الرسمية ذات الاختصاص بالإضافة إلى الأحكام الدينية الملائمة لكافة المواقف المختلفة.