تلقي آيات القرآن حول طول عمر النبي نوح عليه السلام الضوء على قوة إيمانه وصبره الكبير في مواجهة تحديات دعوته. وفقاً لقول الله عز وجل في سورة العنكبوت: "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فعبدوا حتى كان ألف عام إلا خمسين عاما"، يشير النص إلى أن الرسول نوح أمضى فترة طويلة جدا -أي حوالي 950 عاما- داعياً قومه للإيمان. إن تحديد زمن رسالة نوح يخلق صورة واضحة لقوة المثابرة والصبر اللازم لدعاة الإسلام عبر التاريخ.
ومن المهم التأكيد هنا على أهمية قبول رواية القرآن والتصديق بها، حيث أن سرد أحداث الماضي هو جزء أساسي من الوحي الإلهي. يقول الله تعالى: "وما تنزلوا به من كتاب ولا تتبعوا أهواءهم". كما تؤكد عدة آيات أخرى علم الله الواسع وحكمته، مثل قوله جلّ وعلا: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" (الملك:14) وقوله أيضا: "وتمّت كلمة ربك صدقا وعدلاً لا مبدل لكلماتِه وهو السميع العليم". لذلك يجب احترام روايات القرآن وتقبلها دون تأويل قد ينافي الحقائق العلمية الثابتة.
وعلى الرغم من أن الاكتشافات الأثرية الحديثة قد لا توفر أدلة مباشرة على وجود البشر الذين عاشوا لعمر طويل مثل نوح عليه السلام، فإن هذا العجز في الأدلة لا يعني نفيا قطعا لحقيقة حدوث ذلك. فالجهل بموضوع ما ليس برهانا على عدم صحته. بالإضافة إلى أن نتائج الدراسات الأثرية تعتبر تفسيرات قابلة للتغيير والتعديل بناءً على المزيد من البيانات والإشارات الجديدة. إنها ليست حقائق ثابتة بلا حدود. علاوة على ذلك، فإن بعض العلماء ممن يعملون في مجال الآثار والمعتقدين بنظريات التطور قد يسعون لإيجاد دلائل تدعم نظرياتهم الخاصة مما يؤثر على حيادية بحثهم العلمي. بالتالي، يبقى الأخذ بالأسباب والدليل العلمي وحسن الظن بالإسلام منهجا أفضل للمسلمين عند التعامل مع هذه المسائل المتعلقة بالحياة القديمة والعصور الغابرة.
وفي النهاية، فإن تصديق المسلمين لأخبار القرآن ومواعيده دليل صادق على إيمانهم الراسخ ودفاعهم عن دين الله. ومن واجب المؤمنين دائما الدفاع عن عقيدتهم ضد الشبهات والأباطيل المستندة جزئيا أو كليا للأبحاث والملاحظات الذاتية للعلم الحديث والتي قد تخالف تعاليم الكتاب والسنة المطهرتين.