في قلب الدين الإسلامي يكمن الاعتقاد الراسخ بأن الله -تعالى- هو الحاكم العادل, الأعظم, والخالق النهائي لكل الأشياء. أي اعتقاد بخلاف ذلك, بما يشمل الشعور بأن هناك ظلماً ضمن التشريعات الدينية, يعتبر كفراً حسب العقيدة الإسلامية. لا يمكن أن يسمح الفكر الإنساني بتصور أن الله عز وجل يصدر قوانين تضر أو تنقص أحداً.
بالنسبة لتساؤل حول أجرة الحضانة، وهي قضية حساسة وغالبًا ما تؤدي إلى مشاعر الاختلاف بين الأفراد، يجدر بنا أن نتذكر أن جميع التشريعات الشرعية مستمدة من رحمة الله وعدله. الشرع الإسلامي ليس مجرد مجموعة من القواعد الرسمية، ولكنه نظام متكامل مصمم لخدمة وتحقيق مصلحة الجميع المعنيين - سواء كانوا آباء أو أمهات أو أطفال -.
أجر الحضانة ليس ظلمًا لأي طرف، خاصة الأب، كما يشاع أحيانًا. بالنسبة للأطفال تحت عمر السبع سنوات، حيث تعتبر الأم بشكل عام الأكثر قدرة ورعاية، يتم منحها حق الحضانة جنبًا إلى جنب مع دعم مادي لإدارة تكلفة رعايتهم. هذه ليست مساندة غير معقولة؛ بالأحرى هي تعويض عادل مقابل الخدمات المقدمة. عندما يصل الأطفال إلى السن القانونية للحكم بأنفسهم، يُتاح لهم الخيار للاختيار بين حياة البيوتتين. وبالتالي، لا يوجد خسارة فعلية للأب؛ فالطفل يعيش حالة طبيعية بين أبويه.
ومن المهم أيضًا النظر في الجانب الآخر للقصة: الزوجة المطلق العاملة التي تحتاج إلى وقت لرعاية طفلها بينما تعمل لتحسين وضعها الاقتصادي لكلا منهما. بدون أجر الحضانة، ستكون المرأة مضطرة إمّا للتخلي عن وظيفتها أو تحمل مسؤولية كبيرة بمفردها. وهذا سيكون ضد روح الرحمة والتوازن التي تدعو إليها الشريعة الإسلامية.
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى اختلاف النظرة الإسلامية عن الكثير من الأنظمة المدنية الحديثة فيما يتعلق بالنفقات. في حين تُلزِم بعض الدول الرجل بنفقات مادية طويلة المدى حتى الزواج الثاني أو الموت، فإن الإسلام يأمر فقط بدعم مؤقت خلال فترة انتظار الانتهاء الرسمي للعلاقة الزوجية (العِدّة) عندما يطلب الأمر مثل هذه المساعدة المالية. بالتالي، فإن أي مطالبات بعكس ذلك تعد مخالفة للشريعة الإسلامية.
وفي نهاية المطاف، دعونا نحافظ دائمًا على ثقتنا الكاملة بصلاح الرب العظيم وحكمته اللانهائية. الله وحده يعرف أفضل مما نقوم نحن البشر بإدارته. قد يبدو لنا البعض من أحكامه خارجية ولكنها في الواقع مليئة بالحكمة والإنسانية والعناية بكل أفراد المجتمع المؤمنين به. وقد أخبرنا القرآن الكريم نفسه بأن "والله متم نوره ولو كره الكافرون". نسأل الله القدير أن يرفع درجاتنا بالإيمان والثقة والصبر على طريق الحق المستقيم.