وزن الخطيئة: دراسة في حكم الإسلام تجاه النفاق والفطر المدعى والصريح في رمضان

يحمل شهر رمضان المبارك مكانة خاصة في قلوب المسلمين باعتباره شهرا للتطهير الروحي والتقرب إلى الله. لذلك يعد عدم احترام شعائره وأركانه أمرًا خطيرا للغاي

يحمل شهر رمضان المبارك مكانة خاصة في قلوب المسلمين باعتباره شهرا للتطهير الروحي والتقرب إلى الله. لذلك يعد عدم احترام شعائره وأركانه أمرًا خطيرا للغاية ومرفوضًا دينيا. وفي سياق الحديث حول "المنافق"، وهو الشخص الذي يعترف ظاهريا بالإسلام ولكنه يكتم إيمانه حقا، هناك نوع محدد من المخالفات يمكن اعتباره أسوأ بكثير من مجرد الإفشاء علانية لفعل غير مشروع خلال فترة الصيام.

في هذا الشأن، يؤكد الدين الإسلامي حرمة فطر المسلم بدون سبب وجيه مثل المرض أو السفر أثناء ساعات النهار في أيام رمضان. وهذا الأمر يُعتبر ارتكابًا كبيرًا لعظيم الذنب، حيث ورد حديث نبوي صحيح يقول إن "بينما أنا نائم أتاني رجلين أخذا بضبعي فانطلقا بي إلى جبل عالٍ جداً". عندما وصل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى القمة، استمع لصوت عويل مرعب ولحظة رؤية بعض الناس المعلقين بالعراقيب بسبب تخلفهم عن أداء واجباتهم الدينية. ويختم الحوار نصيحته بأن هؤلاء هم أولئك الذين يفطرون بلا مسوغ قانوني قبل انتهاء الوقت المفروض لهم بذلك.

وسواء تعلق الأمر بمنافق يستتر بخيانته ليلاً أو شخص مجاهر بانحرافه وسط الآخرين بشكل وقح، فإن كليهما مذنبان بتلك الجناية الثقيلة. ومع ذلك، فإن الأخير يبدو أكثر فسادا نظراً لاستخفافه بالأخلاق والقيم المجتمعية عبر تشجيع روح التمرد لدى الجمهور أيضًا. وبالتالي، يسجل التاريخ الحديث عبارة حافظ بن أحمد بن محمد بن حجر العسقلاني الشهيرة والتي تلخص الوضع قائلاً: "وكذلك عند مؤمني زماننا يقترن الاعتقاد بشؤم تاركي فريضة الصوم بلا مرض بأنه شر من زاني وكاس وخمار." وذلك لأنه بالإضافة لتجاهله للأوامر الربانية مباشرة، يعمل أيضا كمثال سيء لمن حوله مخلِّداً ذكرى سوءاته ضمن دائرة العلاقات الاجتماعية الضيقة الواسعة آنذاك.

وفي السياقات الأخرى المشابهة لهذا النوع من الأعمال الخارجة عن القانون، أكد القرآن والسنة النبوية ضرورة التعامل بحكمة وحزم ضد كل شكل محتمل من أشكال الهجوم على العقائد الدينية والإرشادات المتخذة منها أساسيات الحياة اليومية للمستقيمين. وقد تضمنت العديد من النصوص القرآنية المختلفة تحذيرات واضحة لهذه الظاهرة فيما يلي مثال لطيف عليها: 'قال عزوجل {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}'. ومن هنا تجدر الإشارة هنا أيضاً لحقيقة تاريخية مهمّة تتمثل برد فعل الرسول الأعظم نفسه حين سماعه لأحد رجال الصحابة المنتقدين لسلوكينة إحدى السيدات داخل المسجد المبنية تحت مظلة بيت الخلاء الخاص بابنه إبراهيم صلوات رب العالمين عليه جميعاً وعلى آل البيت الطاهرين... فتعجب وتعجب معه الجميع إلا ابن عمر فقد رد بدافع شفقة وغيرة غامرت فيه فقال للرسول :"يا رسول الله هل تدري من هي ؟! إنها امرأةٌ منحرفة ذات قلب شيطان!" فرد عليه النبي المصطفى بحكمة عميق: "أنتظر الفرصة الأنسب لإعادة توجيهها نحو الطريق المستقيم!". فهكذا يجب التصدي للقضايا المثارة موضوعيًا عوض التحول لنقط خلاف عقائدي ونبذ أفراد مجتمع كامل بذريعة اختلاف معتقد واحد منهم فقط !

هذه القضية المطروحة تناقش جانبا حساسة تتعلق بالحفاظ علي النظام الاجتماعي والثقافي والديني بالتزامن مع نشر رسالة الاسلام الرحيمة التسامحية ولكن برفض مطلق لكل المحاولات الخادشة للاحترام العام والنظام العام كذلك .


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات