في حين يُشاع بين الناس قصة تقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "أنا جليس من ذكرني"، إلا أنه لا يوجد دليل شرعي موثوق يؤكد هذا القول. وفقاً للشيخ محمد درويش الحوت، فإن هذا الخبر ليس له سند صحيح. بدلاً من ذلك، يمكن العودة إلى أقوال كعب الأحبار، اليهودي المتعلم الذي أسلم لاحقاً. حيث يقول كعب الأحبار، حسب الرواية المسندة، أن موسى عليه السلام سال الله عز وجل سؤالا مماثلا حول قرب الرب منه، فردّ الرب بأنّه يكون مع كل من يذكره. ولكن ينبغي التنبيه هنا إلى أنّ هذا النوع من الأقوال قد يأتي ضمن أخبار أهل الكتاب والتي ليست موضوعة للاختبار الديني الدقيق.
وقد أكدت الأحاديث النبوية أهمية نقل أخبار بني إسرائيل دون التحيز للتأكيد أو الإنكار. فقد جاء في حديث أبي هريرة رضوان الله عليه: "بلّغوا عني ولو آية". ومع ذلك، شددت تعليمات رسول الله الكريم على ضرورة عدم التصديق لكل ما ينقل عن أهل الكتاب أو تكذيبه بشكل كامل. وبالتالي، فإن أي قصص أو معلومات مشتقة من تراث بني إسرائيل تستوجب التعامل بعناية واحترام حتى لو لم تكن متطابقة مع الحقائق الإسلامية القطعية.
وعلى الرغم من ذكر بعض المفسرين مثل الشافعي والحافظ ابن حجر للإمكانية النظرية لتفسير قوله "أنا مع عبدي إذ يذكرني" بأنه دلالة على كون الله جل وعلا "جليسا" لمن يذكره، إلا أنه يجب التأمل مليّا قبل تبني مثل هذه التفسيرات غير المثبتة بالأدلة الواضحة داخل النصوص المقدسة. وذلك لأن مصطلح "معيه" الذي ظهر في العديد من الأحاديث الأخرى يبدو أدق وأكثر توافقا مع الأدلة الموجودة. فالكون معه عند استحضاره يعني وجود نوع خاص ومتفرد من الاتصال والعلاقة الشخصية، وهو أمر يستحق الاحترام والتقدير بغض النظر عن اللغة المستخدمة لوصفها.
وفي الختام، بينما تحتفل المجتمعات الإسلامية بمفهوم التقريب والمعية كجزء أساسي من إيمانها، يبقى التأكد من مصدر المعلومات واستنادها للأمر الأكثر أهمية عند تقديم تعاليم الدين الإسلامي.
