الحمد لله، اتفق أهل السنة والجماعة على أن مصادر الأحكام الشرعية هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وأن هذه المصادر ترجع إلى أصل واحد وهو الكتاب والسنة. الإجماع ليس مصدرًا مستقلًا للحكم، بل هو تابع للكتاب والسنة ومبين لهما. الفرق بين رجوع المسلم للعلماء وبين رجوع اليهود والنصارى لأحبارهم ورهبانهم هو نفس الفرق بين الإجماع والتحاكم لغير الله. فكما أن رجوع المسلم للعلماء هو للكشف عن مراد الله، لا أن العالم يستقل بالحكم، فكذلك الإجماع يكشف ويبين حكم الله، فلا يحرم الحلال ولا يحل الحرام.
الإجماع له فوائد عديدة، منها التضييق على أهل الزيغ، وتأكيد حكم المسألة بتعدد الأدلة الدالة عليها، وتقليل الخلاف بين الأمة. ومع ذلك، فإن حجية الإجماع ليست مستقلة عن حجية الكتاب والسنة، ولا يمكن أن يكون إجماع الأمة عن هوى أو قولًا على الله بغير علم. فالإجماع لا يصدر إلا بدليل شرعي، ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص.
في الختام، يجب أن ندرك أن التحاكم لغير الله في الحكم هو شرك، وأن رجوع المسلم للعلماء للكشف عن مراد الله هو أمر مشروع ومطلوب. الإجماع هو وسيلة لتأكيد حكم المسألة وتوضيحها، وليس مصدرًا مستقلًا للحكم.