عندما تحدث الرسول -صلى الله عليه وسلم- لقومه عن رحلة الإسراء والمعراج العظيمة التي أكرمه الله بها، واجهوا شكوكهم وتشكيكاتهم بإلقاء أسئلة حول تفاصيل معينة تتعلق بالمسجد الأقصى الذي زاره أثناء الرحلة. هذا وقد ثبت تاريخياً أن قريشاً كانت تعرف المسجد جيداً نظرا لتجارتهم المتعددة التي تمر عبر الطريق المؤدي إليه. ومع ذلك، وبسبب تركيز النبي الكامل خلال تلك التجربة الروحية العميقة، خاصة وأن الرحلة تمت ليلاً، ربما أدى ذلك إلى تعذر تذكره بدقة لكل التفاصيل الدقيقة للجدران والأعمدة وهندسة الموقع الأخرى.
وفقا للسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي المبكر، ذكر الصحابي أبو هريرة رضوان الله عليه موقفاً مثيراً حيث طلبت قريش معلومات محددة عن تصميم المسجد الأقصى، مما جعل النبي يشعر بالحرج لبضع لحظات قبل رفع المصطفى -صلى الله عليه وسلم- له وجه القدس مرة أخرى لينظر ويعيد تقديم المعلومات المطلوبة بشكل دقيق ومفصل.
التفسير الأكثر احتمالية لهذا التردد هو غياب التركيز الخاص بتلك التفاصيل الصغيرة خلال الليل وخلال تجربة عظيمة كالرحلة الإسراء والمعراج. وهذا يعكس أيضاً روحانية وقوة الشخصية الإنسانية للإمام محمد صلى الله عليه وسلم، إذ رغم علمنا بأنه "البشير النذير والحكم بين الناس"، إلا أنه ظل شخصية بشرية معرضة لنسيان بعض الأمور وسط الضغط النفسي والعاطفي لهذه اللحظة التاريخية الفارقة.
وفي نهاية المطاف، فإن الحدث مهما كان متوقعا أو غير متوقع قد يخلق فراغا في ذاكرتنا مؤقتا. ولكن بما أن القرآن والسنة هما المصدران الثابتان للأمة الإسلامية، فقد تم توثيق كل شيء بعمق حتى لو اختلط الأمر قليلاً ببدايات التعليق الأول للنبي الكريم على أحداث الإسراء والمعراج المباركة.