في عالم الأعمال التجارية الحديثة، يُعتبر بيع الأجهزة الخلوية بالتجزئة التقسيط وسيلة شائعة لتلبية احتياجات العملاء الذين لا يستطيعون الدفع نقداً كاملاً. ومع ذلك، عندما يقع أحد المشتريين في حالة تعثر عن السداد بعد توقيع اتفاقية التمويل هذه، قد تنشأ تساؤلات حول كيفية إعادة الأموال المستحقة لك تاجراً.
الحكم الإسلامي لهذه المسائل بسيط ولكن يحتاج لفهم عميق للقواعد المرتبطة بها. أولاً، إذا أدى هذا الشخص بعض الأقساط ولكنه أصبح متعثراً الآن بسبب عدم قدرته على الاستمرار في الدفع، يمكنك اتخاذ إجراءات لاستعادة حقوقك المالية بناءً على عقد العمل الأصلي. يسمح الدين الإسلامي بذلك لأنه لا يوجد غش أو خديعة ضمن العملية.
يمكن النظر إليك هنا كممثل لهذا الفرد "وكيل"، فأنت تقوم بإجراء المعاملات نيابة عنه لإعادة الأموال التي تستحق عليك. قد يعني هذا بيع الجهاز مرة أخرى وفقا لسعر السوق الحالي واستخدام إيراداته لإعطاء صاحب الجهاز الأصلية حصتها بالإضافة لرصد أي زيادة تعتبر ربحاً. يجب التأكد دائماً بأن تلك الزيادة ليست ربا وهي ليست جزءا أساسيا من سعر المنتج كما تم الاتفاق منذ البدء.
لكن هناك شرط مهم للغاية وهو تجنب ما يعرف بـ "العينة". فالبيع بالعينة محظور بحسب الحديث النبوي الشريف فيما يتعلق بالإساءة للسوق الاقتصادي والتسبب في انهيار اقتصادي نتيجة للحصول غير المستحق على فوائد كبيرة. بشكل عام، العينة هي البيع لشخص شيئا مؤجل الثمن ثم شرائه منه لاحقا بسعر أقل. هذا النوع من التجارة لا يجوز إلا تحت ظروف خاصة جدا مثل تغيير طبيعة السلعة نفسها (كالاستعمال) أو قبض الثمن بحلول موعده السابق.
بالعودة لمسألتنا الأصلية، لنفترض أنه تم اقتراض جهاز بقيمة ألف ريال لمدة خمسة أشهر وستة أقساط شهرية بقيمة مائتين ريال لكل منها. وبعد شحن ثلاثة أقساط بلغ مجموعها ستمائة ريال بينما تبقى أربعمائة ريال كأقساط مستقبلية غير مدفوعة. وفي هذه الحالة، ليس من المناسب والمسموح قانونياً بك التجاري الإسلامي شراء نفس الجهاز مجدداً بسعر أقل من واحد وثمانمئة ريال (حيث قد تكون هناك اختلافات بالسوق)، وذلك لأن ذلك سيضعك أمام مخاطر الوقوع داخل شبكة العينة المضرة وغير القانونية في نظرتها الإسلامية. بدلاً من ذلك، فإن الخيارات المثالية تتمثل في التواصل مع المقترض لإيجاد حل وسط مناسب وعادل للطرفين سواء عبر تعديلات للأجل الجديد للأقساط أو تحديد خط سير جديد للدفعات القائمة. أيضا، ربما يكون من الأنسب البحث عن مواطن محتملة أخرى للاستثمار في الوقت الحالي لحين توفر مصدر دخلك الكامن في الصفقة القائمة سابقاً.
ختاما، مهما كانت الظروف والعوائق المالية التي تواجهها أثناء عملك اليومي، حافظ دوماً على تقديم خدمات وأفعال مشروعة أخلاقياً وقانونياً طبقاً للتقاليد والمعتقدات الدينية الخاصة بكل فرد يعمل ضمن مجتمع أعمال حيوي ومتنوع كالذي نعيش فيه جميعاً.