الحمد لله الذي شرع لنا ديناً سليماً، وحثَّ المسلمين والمسلمات على التقوى والحفاظ على الأخلاق الحميدة والسلوك المستقيم. بالنسبة لسؤالك حول مسألة العمل، خاصةً فيما يتعلق بالأمر الصعب المتعلق بالإختلاط بين الرجال والنساء، فإنه يجب التأكيد على بعض الأمور الهامة:
الأولى، إن الإختلاط بين الجنسين في مكان العمل له تأثيرات سلبية عديدة على كلا الجانبين - الرجال والنساء. فقد يكون هناك نظرات غير مشروعة، لمسات خاطئة، وإمكانية الوقوع في حالات خلوة محرمة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه. وهذه جميعها أمور محرمة في الإسلام.
على الرغم من ذلك، ندرك الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العديد من المجتمعات اليوم. ومع ذلك، قبل التفكير في العمل المختلط، يجب مراعاة عدة عوامل مهمة. أولاً، إذا كانت المؤمنة قادرة على الاعتماد على نفقتها من خلال والدها، فليس هناك حاجة ملحة لدخول سوق العمل المختلط. فالتركيز حينئذ ينصب على تحقيق الرزق بطريقة تحافظ على الأعراض وصيانة النفس من الوقوع في الشبهات.
ثانياً، النساء القادرات على إدارة شؤونهن المالية بشكل مستقل لديهن الفرصة لاستكشاف فرص عمل أخرى أقل عرضة للإختلاط. مثل التدريس في رياض الأطفال أو دور تحفيظ القرآن الكريم داخل المنازل، بالإضافة إلى مجالات مثل الطباعة والترجمة والتصميم وغيرها التي يمكن القيام بها من المنزل. وبالتالي يتم الجمع بين الربح المادي واحترام الضوابط الدينية.
وفي نهاية المطاف، إذا وجدت المرآة نفسها بلا مصدر آخر للدعم المالي ولم يكن لديها خيارات عملية لتجنب الإختلاط أثناء أدائها لوظائفها، فقد تصبح هذه الخطوة جائزة ضمن حدود تقليل المفاسد قدر الاستطاعة. ولكن لا ينبغي أن تكون شهوات الحياة الدنيوية هي الدافع الوحيد لاتخاذ قرار كهذا؛ إذ يجب دائمًا وضع سلامة العقيدة والإسلام فوق أي اعتبار آخر.
والخلاصة هي أنه رغم تحديات الواقع الحالي وظروف الحياة المتغيرة باستمرار، فإن فهم وتعليم أحكام الشريعة الإسلامية بشأن الإختلاط يساعد الأفراد على اتخاذ قرارات مستنيرة ترتكز على أساس سليم وفق تعاليم دينهم.