على الرغم من الشهادات التاريخية التي تشير إلى دور النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هدم الأصنام خلال غزوة الفتح, إلا أن الأدلة حول جهوده المبكرة لتحطيم هذه الأصنام غير مؤكدة. وفقاً للأحاديث الواردة في كتب مثل "المسند" لأحمد بن حنبل و"المصنف" لابن أبي شيبة, هناك قصة تتحدث عن زيارة قام بها رسول الله إلى الكعبة برفقة علي بن أبي طالب. وبحسب القصة, طلب منه النبي تسلق الكعبة لتحديد مدى ارتفاع صورتها المصنوعة من النحاس أو الصفراء, ثم أمره برميها عندما وصل إليها, مما أدى إلى كسرها تماما.
ومع ذلك, يجب التنبيه إلى أن هذا الحديث تحديداً ينتمي لفئة الروايات المتضعفة. يعود سبب ذلك جزئياً إلى شخصية الراوي المعروف باسم "أبو مريم", الذي يبدو أنه وجه خلاف بين العلماء. بينما وصف البعض بأنه ثقة, فإن آخرين اعتبروه مجهولا أو حتى متروكا بسبب بعض الخلاف بشأن صدقية أخباره. بالإضافة لذلك, فقد نقل نفس القصة راو واحد فقط وهو "نعيم بن حكيم". وعلى الرغم من الثناء الذي حصل عليه الأخير من بعض المؤرخين مثل عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل, إلا أن الآخرين شككوا في مصداقيته بناءً على مجموعة أخرى من القصص المنكرة المنسوبة إليه.
بالإضافة إلى ذلك, لاحظ العديد من علماء الحديث مشكلة في سياق القصة نفسها. فالمدة الزمنية المقترنة بالغزو المعلن ضد المشركين والتي تسمى بالحرب المقدسة تبدو غير مناسبة لهذه الواقعة الصغيرة المحلية المحتملة. علاوة على ذلك, يشرح الشيخ ابن تيميّة موقف العالم المسلم الشهير من هذه القضية بدقة أكبر بكثير: "إذا ثبت صحة هذا الموضوع..." وهذا يدعم بشكل أكبر الرأي بأن القيمة العلمانية لهذا الحديث أقل كثيرا.
ومن الجدير بالذكر أيضاً تأملات السيد الذهبي فيما يتعلق ببنية الحدث نفسه. فقال ضمن كتاباته إنه رغم سلامة الترجمة إلا أنها تحمل الكثير من الغرابة ولا يمكن تصور حدوثها في الواقع. ومن هنا يأتي عدم قبول الجمهور لها كأساس لإصدار الأحكام النهائية حول تاريخ حياة خير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ودوره الفريد في الدعوة للإسلام والمعركة ضد عبادة الأوثان.