الحمد لله، فإن الزواج يعد بوابة من أبواب الرزق الواسع التي وعد الله بها عباده المؤمنين. فقد ورد في القرآن الكريم: "وأنكحوا الأيامى منكم والصلحاء من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم" (النور: 32). يقول ابن كثير رحمه الله: "وهو يدعوهم إلى تزوج الأحرار والعبيد، ويعد عليهم الغنى". وفي الحديث الشريف، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ثلاثة أشخاص لهم حق عون الله: الناكح يريد العفاف، المكافئ الذي يريد أداء الدين، والمقاتل في سبيل الله.
وفي حين قد يفسر البعض قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم يُجمع خلقُه في بطن أمه أربعين يوماً"، بمعنى أن الطفل يأتي برزقه معه، إلا أن هذا لا يعني التحكم في كيفية الحصول على الرزق. كل شخص له نصيب معلوم ومحدد من الرزق حسب علم الله وحكمة قدره. وليس شرطاً أن ينتج عن وجود الزوجة والأطفال فتح طرق جديدة للمال؛ فهذا الأمر مرتبط بحكمة الله وتقديره.
يمكن للأرزاق أن تأتي بطرق مختلفة غير متوقعة. قد يتمثل في راتب يكفيه جميع أفراد الأسرة رغم عدم زيادته، أو ربما في كفاية مصروف البيت بدلاً من تضييع الأموال الأخرى في علاج المرض أو تعليم أبناءه. لذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن موارد الرزق متنوعة ومتعددة ومتنوعة للغاية بحيث يصعب تصنيفها أو تحديدها تمامًا.
ومن الجدير بالذكر أيضًا أن الإسلام يشجع النظر إلى القدرة المالية والحسب والنسب والدين لدى المرأة أثناء اختيار شريك الحياة، حيث ثبت بالنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "تنكح المرأة لأربع...". ولكن، من المهم التأكيد هنا مجددًا على عدم جعل هذه عوامل إلزامية وإنما مجرد مرجحات مرغوبة. إن مفتاح فهم طبيعة الرزق يكمن في التقرب لله والاعتماد عليه بالإيمان والقناعة بأنه المنعم الوحيد لكل شيء جميل وخيري مهما بلغت أنواعها وأشكالها المختلفة.