في حين أنه من الواضح أنه يمكن للمسلمين أن يصلّوا ويتضرّعوا إلى الله عز وجل طلباً للتوجيه والنصر والدعاء، فإن دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته هي موضوع خلاف ديني مهم. ينظر علماء الدين الإسلامي إلى هذه الممارسة بأنها بدعة وليست نوعاً من الشرك. حيث يؤكد الفقهاء مثل الإمام ابن عبد الهادي وابن تيمية والإمام الباقوري، أن طلب الدعاء أو الاستغاثة من النبي الكريم بعد انتقاله الروحي إلى الله ليس له أساس شرعي. فعلى سبيل المثال، خلال فترة الجدب التي شهدتها المدينة المنورة أثناء خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لجأت المجتمعات المسلمة إلى عم النبي الأعظم العباس بن عبد المطلب للدعاء لهم، وليس لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه كما يحدث اليوم. وهذا يشير إلى غياب أي سابقة تاريخية لهذه الممارسة لدى الصحابة رضوان الله عليهم، الذين كانوا أول الناس معرفة وتطبيق للإسلام.
يقدم الشيخ عبد الرحمن البراك توضيحاً مفصلاً حول هذه المسألة. فهو يوضح أن المفروض على المسلمين أن يلجؤوا مباشرة إلى الله عبر الدعاء والقراءة القرآنية لتحقيق مطالبهم الشخصية الدينية والدنيوية، وأن دور النبي بعد وفاته محصور فقط كوسيط عند الشفاعة يوم القيامة. إن طلب الدعاء من شخص متوفي، بما في ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يعد مخالفاً للنصوص الصريحة في الكتاب والسنة النبوية وكلام أهل العلم السابقين. بالتالي، يعتبر هذا النوع من الأعمال بدعة جديدة تم إدخالها بدون دليل فقيه صحيح. بينما قد يكون هناك نوايا حسنة خلف مثل هذه التصرفات الدينية المنزلية الجديدة، إلا أنها تعتبر خارجة عن حدود عبادة الله حسب تعليمات دين الإسلام الرسمي والثابت منذ قرونه الأولى.