لم نقف على رواية بنفس الألفاظ والترتيب الوارد في السؤال: ( صلاة في المسجد الحرام بمائة صلاة في مسجد النبي). ومع ذلك، ورد خبر بنفس المعنى وبلفظ مقارب له، كما أورده الإمام أحمد في "المسند" (26/ 41 - 42)، وابن حبان في "الإحسان" (4/499). هذا الخبر رواه حماد بن زيد، عن حبيب المعلم، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن الزبير، مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا".
هذا الإسناد رواته ثقات، وقد صححه محققو "المسند"، حيث قالوا: "إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حبيب المعلم، فقد أخرج له البخاري متابعة، واحتج به مسلم".
الظاهر أن العبارة الواردة في السؤال هي رواية بالمعنى لحديث ابن الزبير هذا. والرواية بالمعنى أجازها جمع من أهل العلم إن كان الراوي من أهل العلم، لا يغير معنى الخبر بتغييره لألفاظه. كما قال ابن رجب رحمه الله تعالى: "قال الترمذي - رحمه الله -: 'فأما من أقام الإسناد وحفظه وغير اللفظ، فإن هذا واسع عند أهل العلم، إذا لم يتغير به المعنى'... مقصود الترمذي بهذا الفصل الذي ذكره ههنا: أن من أقام الأسانيد وحفظها، وغير المتون تغييرا لا يغير المعنى؛ أنه حافظ ثقة يعتبر بحديثه. وبنى ذلك على أن رواية الحديث بالمعنى جائزة وحكاه عن أهل العلم، وكلامه يشعر بأنه إجماع، وليس كذلك، بل هو قول كثير من العلماء. ونص عليه أحمد، وقال: ما زال الحفاظ يحدثون بالمعنى. وإنما يجوز ذلك لمن هو عالم بلغات العرب، بصير بالمعاني، عالم بما يحيل المعنى، وما لا يحيله. نص على ذلك الشافعي".
وبالتالي، يمكن القول إن لفظ "صلاة في المسجد الحرام بمائة صلاة في مسجد النبي" لم يرد بنفس الألفاظ والترتيب المذكورين في السؤال، ولكن ورد خبر بنفس المعنى وبلفظ مقارب له. والله أعلم.