أسرار الجنة والنار: سبب وجوبهما من أمور الغيب

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الحياة الدنيا لتكون ميدان اختبار للبشر، حيث يتم تجلي الاختيار والإيمان أو الكفر. لو كانت الجنة والنار من مظاهر العالم الحسي

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الحياة الدنيا لتكون ميدان اختبار للبشر، حيث يتم تجلي الاختيار والإيمان أو الكفر. لو كانت الجنة والنار من مظاهر العالم الحسي، لما تحقق هدف التجربة الإنسانية. فعندما يصبح الظلم والمعاناة واضحة للجميع، يفقد البشر حرية اختيار طريق الحق والخير.

على سبيل المثال، عندما تحدث أحداث خارقة غير اعتيادية كالذي يحدث في نهاية الزمان، كما ورد في القرآن الكريم "يوماً يأتي بعض آيات ربك"، يتغير موقف كثير من الأشخاص تجاه الدين والإيمان. فهم حينها يشعرون بحجم خطورة الرحيل ويبدأون بالتوبة والإيمان بشكل جماعي - ولكن بلا جدوى حسب التعاليم الإسلامية. وهذه حالة مشابهة لما سيحدث يوم لقائهم بربهم، فقد فقدوا فرصة الاستجابة قبل ذلك الوقت المنذر.

أما بالنسبة لفكرة تخيل الجنة والنار، فهذا أمر ممكن ولكنه محدود بسبب طبيعة الأمور الغيبية التي تتخطى حدود تصوراتنا وحدود إدراك مشاعرنا الخمس المعتادة. رغم الوصف التفصيلي الذي ذكرناه في النصوص المقدسة وحتى الأحاديث النبوية الشريفة حول تفاصيل الحياة الأخروية من مطاعيم ونعيم وغيرها الكثير والتي تبدو مذهلة بالفعل، إلا أنها تبقى أقل من الواقع الحقيقي للجنة والنار بنسبة مجهولة لدى البشر. يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الإمام البخاري: "أعد الله لأهل الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت". أي أنه هناك جمال ورخاء فوق التصوير والتخيّل، وهو جزء أساسي من أسرار تلك المكافأة المستقبلية لمن اتبع نهجه القويم.

وفي النهاية، يجب التأكد بأن مفتاح الفرق بين المؤمن والكافر يكمن داخل دائرة الاعتقاد بالأمور الغيبية التي لم تُدرك بالحواس الخمس ولم تختبرها التجارب الشخصية. لذلك يعد الإيمان بكل ما جاء به القرآن وسنة النبي الأعظم شرط رئيسي لدخول باب الإسلام الواسع والأخلاقي.


الفقيه أبو محمد

17997 Blog indlæg

Kommentarer