يجيز جمهور علماء المسلمين تخصيص السنة النبوية بالقرآن الكريم، وذلك استناداً إلى المصدر المشترك لهذين الأصلين التشريعين - القرآن والسنة - اللذين يأتيان بتوجيه من الوحي الإلهي نفسه. وهذا يعني أنه لا يوجد مانع شرعي من توضيح أحد هذين المصدرين لما ورد في الآخر.
يوضح الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله موقف الجمهور بقوله: "التحقيق هو جواز تخصيص السنة بالكتاب، خلافاً ممن منع ذلك مستنداً إلى آيات مثل 'أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم'. والحجة عليهم هي أن نزلنا عليك الكتاب تبينا لكل شيء [النحل: 69]. وإذا كان جائزاً تخصيص الكتاب بالكتاب، فالجواز يكون أولى حين تكون السنة هي المتخصصة."
ومن أمثلة ذلك التي تشتهر بين العلماء وأبرزها:
- حديث ابن عمر: حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الكافرين حتى يدخلوا في دين الله ويقيموا شعائر الإسلام الخمسة. ولكن هذا القتال يتوقف عندما يدفع غير المؤمنين الجزية، وهو ما يؤكد القرآن أيضاً في قوله تعالى: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر..." [التوبة: 29].
- حديث أبي هريرة: فيه نهي عن قبول الصلاة إلا بالتطهير سواء بالماء أو بالتيمم عند عدم وجود الماء. وهذا النهي عمومي ولكنه يتخصص بحالات المرض أو السفر أو الضرورات الأخرى كما بيّن القرآن الكريم: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ..." مختتماً بسورة المائدة الآيتين رقم 6 و7.
- حديث أبي واقد الليثي: يحرم قطع الحيوانات أثناء حياتها مما يجعلها ميتة وفقا لهذا الحديث. ومع ذلك فإن الشعر والصوف والوبر محصنان بهذا الحكم العام بناءً على أدلة قرآنية أخرى تصرح بإمكان استخدام هذه الأشياء لأغراض مختلفة لمدة معينة كما جاء في سورة النحل الآية 80.
هذه الأمثلة تثبت قدرة وتطبيق عملية لاستخدام الأدلة القرآنية لتحديد حدود ونطاق بعض الأحكام المستمدة من النصوص النبوية. وبالتالي فهو ممارسة شرعية مشروعة ودقيقة في نفس الوقت.