على الرغم من التشابه الواضح بين أسنان الإنسان والعظام من حيث اللون والقوة المحتوية على الكالسيوم، إلا أن علم الطب والتاريخ الطبيعي يصنفان الأسنان بشكل مختلف عن العظام. هذه الاختلافات واضحة من حيث التركيب والمادة التي تُكوّن كل منهما. لذلك، عندما ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأن "السِّنَّ عَظْم"، يجب أن نفهم السياق بعناية.
إن استخدام النبي لهذه اللغة يعكس الطريقة التي كانت الشريعة الإسلامية قد وضعتها لتعليم وتفسير الأحكام الشرعية للأمة العربية حينذاك. فاللغة المستخدمة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم كانت لغة يومية تقليدية، وليست لغة ذات توقيع طبي دقيق. هدف الرسول الكريم من هذا التصريح كان توضيح سبب عدم مشروعية الذبح باستخدام الضرس أو أي جزء يشبه العظم، وذلك للحفاظ على سلامة الحيوان خلال عملية الذبح والإكرام بها.
وفي سياق آخر، فقد شرح بعض العلماء قرار النبي حول "الظفرة" (الأظافر) باعتبارها مساوية للاستخدام العربي القديم للمدية عند قبيلة الحبشة. وهذا يعكس مرة أخرى اهتمام الإسلام بالإنسانية والكائنات الأخرى، إذ يوضح النبي صلى الله عليه وسلم أهمية تجنب إيذاء الخلق قدر المستطاع.
إذاً، بينما قد يبدو البعض أن وصف النبي للأسنان بـ"العظم" يخالف الحقائق العلمية الحديثة، يجب علينا فهم السياقات التاريخية والثقافية بالإضافة إلى الغرض الأصلي من الحديث لتقدير نواياه بدقة أكبر. إن غاية النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي تقديم التعليمات العملية والمعرفة المجتمعية المناسبة لكل عصر.