عندما يتعرض أحد الأجزاء الحيوية من جسم الإنسان لإصابة - سواء كانت كسرٌ في العظم أم إصابات أخرى تتطلب تدخلًا طبيًّا دقيقًا - تبدأ رحلة شاقة نحو التعافي. هذه الرحلة المعقدة مليئة بالخطوات المتعددة التي قد يستغرقها الوقت حتى تتم بشكل كامل. دعونا نتعمق أكثر في كيفية "إجبار" العظم على الالتئام، وهو مصطلح يشير إلى العملية البيولوجية الرائعة التي تقوم بها أجسامنا لاستعادة سلامتها بعد تعرضها للتلف.
تبدأ عملية التئام العظم بمجموعة متزامنة ومتكاملة من العمليات الإلتهابية والمحدثة للعظام الجديدة. فور حدوث الإصابة، ينطلق جهاز المناعة داخل الجسم ليمنع العدوى ويدعم الشفاء. يتم تحفيز الخلايا المسؤولة عن إنتاج الكولاجين وغيرها من البروتينات الضرورية لبناء نسيج ندبي مؤقت يدعى كالوسيوم (callus). هذا النسيج المؤقت يعمل كمادة ربط للطرفين المكسورين بينما يقوم الجسم بإعداد نفسه لإنتاج بنية أكثر صلابة ودائمة.
بعد ذلك، تبدأ خلايا العظام الخاصة بالمسمى "خلايا العظم"، والتي تعرف أيضًا باسم osteoblasts، في إفراز مواد تشبه الجيلاتين تسمى Ground Substance. تُعتبر هذه المرحلة انتقالية بين مرحلتي الكالوسيوم والعظمة النهائية. خلال فترة تراوح بين عدة أسابيع وأشهر بحسب شدة وشكل الإصابة، تستمر خلايا العظم في تطوير شبكة معقدة من مركبات الكالسيت والكولاجين لتشكل هيكل جديد تمامًا لعظمك.
بالإضافة لذلك، تعمل مجموعة أخرى من الخلايا المعروفة باسم Osteoclasts على إعادة امتصاص الكالوسيوم الزائد وتعيد تنظيم الهيكل الجديد وفقاً لحاجة الجسم لهيئة محكمة ومثالية. بهذا الشكل، تجتمع كل هذه الخطوات بسلاسة وخفة يده الله سبحانه وتعالى لتعطي نتيجة هي قيام الطبقات الجلدية الخارجية بتغطية المنطقة المصابة وتحويلها مرة أخرى لأنسجة صحية وعظيمة القوة والصلابة كما كان الحال قبل الحدث المؤسِف!
بذلك تكون أجسادنا قادرة حقا على تحقيق معجزاتها الداخلية عبر عمليات معقدة مثل تلك المتعلقة بشفاء العظام والإصلاح الداخلي لها. إن تصوُّر كيف يمكن لهذه الآلية الدقيقة العمل بكفاءة دون التدخل الخارجي يُذكرنا دائماً بالعجب الكبير للإبداع الرباني والإتقان الذي يحيط بنا بكل تفاصيل الحياة اليومية والمعجزات الواضحة لدينا ولغيرنا أيضا ممن يؤمنون بجلال قدرته عز وجل.