بين الحقيقة والسرد الشعبي: قصة عمر بن الخطاب والحلوى

على الرغم من شيوع سرد يُروى بين بعض أفراد المجتمع الديني حول منع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لأهله من تناول الحلويات بسبب حرصه الشديد على المساواة مع

على الرغم من شيوع سرد يُروى بين بعض أفراد المجتمع الديني حول منع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لأهله من تناول الحلويات بسبب حرصه الشديد على المساواة مع الشعب، إلا أنه يجب التأكد من مصدر ونسب هذا الحديث قبل قبول صحته. وفقا للمعلومات المتاحة، فإن الأحاديث المتداولة بهذا الشأن غير مدعومة بشواهد موثوق بها.

ومع ذلك، هناك حديث آخر له ارتباط وثيق بالموضوع يدعم روح الكرامة التي اتسم بها شخصية عمر بن الخطاب. فقد ذكر التاريخ أن عمر بن الخطاب قد امتنع عن تناول الحلوى ليس بسبب المنع ولكن لأنّه شعر بأنَّ تناوله للحلوى وهو الذي يحكم على الرعية قد يكون خارجاً عن قدرة الكثير منهم لتوفيرها. وهذا يعكس تضحيته وتقديره لحالة رعاياه.

يذكر لنا التراث الإسلامي قصّة بعثة عبيدالله بن عثمان إلى مدينة أسبرطة النائية بهدف تقديمه نوعاً خاصاً من غذاء يسمى "الخبيص"، والذي وجده الأمير الحاكم حين ذاك عطراً ولذيذاً للغاية. عند علم عمر بذلك، كتب إليه رسالة شديدة التعبير وقال فيها:" إنني لن أستطيع أكلك يا مسلمون شيئاً لا تستطيعونه". بناءً عليه أمر بإرجاع تلك الطرود الجميلة مرة أخرى إلى مكانها الأصلي حيث يمكن الاستمتاع بها بشكل أفضل وبالتساوي وسط شعب المؤمنين.

وتعد هذه الرواية دليلاً رائعا على روح التفاني العميق لدى الخليفة والتي تعني بالمساواة والرفق برعاية الشعب، وليس فقط دليلًا على عدم وجود أي وساطة في حظر استهلاك مثل هذه الأنواع اللذيذة ضمن بيئة رعيته الخاصة به.

وفي نهاية المطاف، رغم الجاذبية الإنسانية لقصة منع زوجة عمر بن الخطاب من تناول الحلوى، إلا أنه يبدو أنه من الأفضل الاعتماد على القصص الأكثر تأكيدا تاريخياً لفهم الشخصية الفريدة لهذا الزعيم الكبير والأخلاق الإسلامية المرتبطة بالحياة العامة داخل مجتمع المؤمنين خلال فترة حكمه.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات