في سياق الآية القرآنية الكريمة "ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، توضح هذه الفتوى أن الآية تؤكد بشكل أساسي على المسؤولية الفردية لكل فرد عن أعماله وأفعالها. يؤكد العلماء أن الآية تعني أنه لا يوجد تبادل لأعمال الخير أو الشر بين الناس، وكل شخص يحصد جزاء أعماله الخاصة.
بالنظر إلى السياق العام للآية وكلام عدد من المفسرين، مثل الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيره، يمكننا فهم أن الآية تشير أساساً إلى الجزاء الأخروي بعد يوم القيامة. يقول الإمام السعدي -رحمه الله- إن الآية تدل على عدم قدرة أحد على تحمل خطيئة الآخر، موضحاً أن العمل الصالح أو السيء يبقى مسؤوليته مع صاحبها فقط. ويستشهد البعض بهذا لتفسير قضية الوصايا والأمانات فيما يتعلق بالأموات، بحجة أنه حسب الآية يجب ألا يصلح عمل آخر لنفس الشخص.
لكن يجب التمييز هنا بين الجانبين الأخروي والدنيوي. بينما تشير الآية غالباً إلى الثمار الروحية والخيرة المستقبلية في الحياة الأخرى، فإن هناك جانب دنيوي مهم أيضاً. في الواقع، يشير القرآن نفسه إلى أهمية الاجتهاد والعمل لتحقيق مصالح الحياة اليومية. كما ورد في سورة الملك: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور". وهذا يعني أن الإسلام يشجع بشدة على المنافسة المشروعة والسعي للحصول على الرزق ومزاولة الأعمال المختلفة من أجل تحقيق الذات والمعيشة الكريمة.
إذاً، سواء كانت مكافأة أو نتيجة لدنيوية أو أخروية، فإن الأصل منها هو الجهد الإنساني والتوجه نحو الله بالاحتساب والإخلاص. يستمر الشرح بأن سنن الله السائدة هي أنه لمن يعمل يجني ثمار جهوده، بغض النظر عن إيمانه أو كفره. ومع ذلك، فإن وجود بركة وعظمة النتيجة تعتمد على نوايا الشخص واحتساباته عند الرب.
وفي نهاية المطاف، فإن الطلب المتضمن بالسؤال حول رؤية نتائج جهودي في الحياة الدنيا خارج نطاق الآية نفسها والتي تهتم أكثر بالقضاء الأخروي والمسؤوليات الشخصية. وفقاً للسنة النبوية والشريعة الإسلامية، عندما يسعى المرء ويتابع مساعيه بإخلاص وجد واجتهاد، فإن الله سيرزقه بما هو خير له سواء الآن أو مستقبلاً.