- صاحب المنشور: عاشق العلم
ملخص النقاش:
في عالم يتجه نحو مستقبل أكثر تحديات ومخاطر بسبب تغير المناخ والظواهر الطبيعية المتزايدة وتفشي الأمراض والاستمرار في الفقر وعدم المساواة الاجتماعية, تبرز الحاجة الملحة لتعزيز جهود العمل من أجل التنمية المستدامة. هذه الجهود التي ترجمتها الأمم المتحدة إلى برنامج أهداف التنمية المستدامة للعام 2030 والتي تشمل تسعة عشر هدفا رئيسيا تتراوح بين القضاء على الفقر والجوع، والحصول على الطاقة النظيفة والميسورة، والتأكيد على أهمية التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية الصحية. ولكن كيف يمكن لهذه الأهداف الكبيرة أن تصبح واقعا؟ هنا يأتي دور التعليم كمحرك أساسي لتلك العملية.
التعليم ليس مجرد تزويد الأفراد بالمعرفة والأدوات اللازمة للتطور الشخصي؛ بل هو أيضا استراتيجية حاسمة لتحقيق الهدف الرابع لأهداف التنمية المستدامة الخاص بتوفير تعليم عالي الجودة ومتاح ومتساوي لكل طفل وشاب ورجل وامرأة. هذا النوع من التعليم يشجع على التفكير الناقد والإبداع، ويغرس قيم الاحترام والتسامح، ويعزز فهم العالم المعقد الذي نعيش فيه. عندما يتمكن الناس من التعلم بطرق جديدة - مثل استخدام التقنيات الرقمية أو الاعتماد على الأساليب التشاركية وغيرها - فإنهم يحصلون على فرص أفضل لإعادة بناء مجتمعاتهم وأنظمة الحكم الخاصة بهم بطريقة أكثر فعالية واستدامة.
ومع ذلك، هناك العديد من العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف. ففي بعض البلدان، قد تكون المدارس غير متاحة للأطفال ذوي الظروف المالية الصعبة بسبب تكلفة الرسوم الدراسية أو نقص البنية التحتية. وفي أماكن أخرى، قد يقع الأطفال خارج النظام التعليمي الرسمي تمامًا بسبب الحرب أو نزوح العائلات. بالإضافة إلى ذلك، حتى لو كان الطفل لديه فرصة للحضور إلى المدرسة، فقد لا يستمتع بمستوى جيد من نوعية التدريس بسبب نقص تدريب المعلمين أو موارد الصفوف الدراسية الضئيلة.
بالإضافة إلى الوصول الشامل إلى التعليم، تحتاج السياسات الحكومية أيضاً إلى التركيز على محتوى المناهج الدراسية التي تقدم. يجب دمج مفاهيم الاستدامة والبيئة بصورة مباشرة ضمن مواد التاريخ، الرياضيات، العلوم، الفنون والصحة البدنية. بهذه الطريقة، سيصبح تعلم كيفية إدارة الموارد بكفاءة أمرًا طبيعيًا وبالتالي سيتعلم الجميع بأسلوب حياتي قائم على الاعتبارات البيئية والدائمة. علاوة على ذلك، من المهم أن توفر الخطط الأكاديمية الفرص للمتعلمين لاستكشاف وظائف المستقبل المحتملة ذات التأثير الإيجابي الكبير على البيئة وكوكب الأرض كتطوير تقنيات الطاقة البديلة وإدارة الغذاء الأخضر وضمان السلامة البيئية العامة.
أخيراً وليس آخراً، عند الحديث عن التعليم كمفتاح للاستدامة، لا يمكننا تجاهل الدور المحوري الذي تقوم به النساء والشباب والسكان الأصليين الذين هم الأكثر عرضة للخطر وللعرض أقل الخدمات التعليمية عموما. إن تمكين هؤلاء المجتمعات وفهم احتياجاتها الخاصة ضرورية لبناء نظام تعليمي شامل وقادر حقاً على خلق تغيير واسع النطاق يؤدي بالتالي إلى عالم أجود بحلول عام 2030 وما بعده.
إن الطريق أمامنا طويل ولكنه ممكن المنال إذا اتبعناه بنشاط وشغف وثقة بأن جميع أفراد مجتمعنا قادرون على المساعدة بكل شكل من أشكال المشاركة سواء أكانت معرفية أم عملية أم إدارية ومن خلال تفانيهم المشترك سنتمكن معا من رسم مسار جديد نحو غدٍ أكثر اخضراراً وأكثر عدلاً وأكثر سعادة لنا جميعاً.