الحمد لله، يجب التأكيد على أهمية العدالة في العطاء والإرث كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذا قام الأب بتقديم هدية لأحد أبنائه بشروط معينة -مثل طلب بناء مسجد على قطعة أرض مُعطاة- ويطلب نفس الشيء من الأخوة الآخرين وبعدم موافقتهم، فهذه الحالة تحمل احتمالية ظلم وعدوان.
وفقاً للشريعة الإسلامية، يُعتبر التفاوت غير المتناسب في العطايا والهبات بين الأشقاء أمراً محظوراً. النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: "أتَّقُوا اللَّه ووَصِّلُوا بيْنَ أَوْلادِكُم". يعني ذلك أنه ينبغي الحرص دائماً على تحقيق العدالة بين الأطفال عند منحهم هدايا أو عقارات.
في حالتكم، حيث تعتبر الأرض التي تم منحها لكم ذات قيمة أكبر مما يمكن استخدامه لبناء المدرسة القرآنية، هناك العديد من الاعتبارات القانونية والأخلاقية التي تحتاج إلى النظر فيها. أولاً، القيم السوقية للأرض والتي تتخطى بكثير تكلفة البناء تعد زائدة ومقدمة بشكل مجحف. ثانياً، حتى لو كانت التكاليف تساوي النتائج، فالظروف المالية الشخصية ليست دليلاً كافياً لتبرير الاستحواذ الفردي لهذه الملكية.
وعلى الرغم من جهودك الكبيرة والبداية الطيبة لك، إلا أن عدم قدرتك على بدء المشروع بسبب الوضع الاقتصادي الحالي ليس حقاً خاصاً لك للتملك المستمر لهذا العقار. وبالتالي فإن الطريقة الأكثر شرعية وقانونية هي إعادة الأرض إلى الأب. ولكن يمكن التفاوض أيضاً حول كيفية تنظيم الأمر، سواء عبر الاتفاق مع الأب لاستعادة الجزء الزائد منه ووضعه ضمن حساب مشترك للإخوة الآخرين، أو السماح لك بمواصلة مشروع تحفيظ القرآن مقابل دفع قيمة الأرض.
وفي النهاية، كل هذه الأمور بحاجة لاتفاق ودراسة دقيقة للقيم الدقيقة للممتلكات والعقارات المرتبطة بها. ومن الضروي هنا التشديد على دور الوساطة والمصالحة لحماية الحقوق وضمان رضا جميع الأطراف وفق أحكام الدين الإسلامي.