حقوق النفقة بين أب وابنه المسافر للغربة: التفاصيل والفروق الفقهية

في الإسلام، يُعتبر تأمين احتياجات الأطفال مسؤولية أساسية للأبوين، خاصة بالنسبة للأطفال غير القادرين على الكسب مثل الصغار والمعوقيين. ومع ذلك، هناك خلا

في الإسلام، يُعتبر تأمين احتياجات الأطفال مسؤولية أساسية للأبوين، خاصة بالنسبة للأطفال غير القادرين على الكسب مثل الصغار والمعوقيين. ومع ذلك، هناك خلاف بين الفقهاء حول مدى التزام الأب بنفقات إبنه البالغ والسليم الذي يمكنه العمل لكسب رزقه الخاص. وفقاً لحاشية الإمام أحمد، يرى بعض العلماء أن الأب ملزم بتقديم الرعاية المالية لابنه البالغ أيضاً، بينما يشترط آخرون وجود حالة من الفقر والشدة.

على سبيل المثال، يقول أبو حنيفة ومالك أن نفقة الطفل تنقطع عندما يصل إلى سن الرشد ويتمكن من الاعتماد على نفسه. ولكن هذه الآراء تختلف مع رأي الجمهور حيث تؤكد على استمرار حق الطفل في الحصول على الدعم المالي طالما ظل محتاجاً إليه سواء بسبب العمر أو القدرة على العمل.

أما بالنسبة لسكن الابن خارج الوطن، فهي مسألة حساسة أخرى. رغم أن الكثير ممن يدعون بأن النفقة تبقى مستحقة بغض النظر عن الموقع الجغرافي للإبن، إلا أنها نقطة تحتاج إلى مزيد من التأمل بالنظر إلى الظروف الاقتصادية المختلفة التي قد يكون فيها الابن قادر الآن على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وتتجلى خصوصيات حقوق النفقة أيضا في طبيعة التقادم القانوني لهذه الحقوق. على عكس ديون النفقة المتعلقة بالأزواج الذين يتمتعون بحماية قانونية دائمة، فإن حقوق النفقة للأقارب تستوفي تدريجياً مع مرور الوقت. وذلك يرجع أساساً إلى أن الإنفاق عليهم ليس "معاوضيا"، ولكنه عبارة عن دعم اجتماعي ضروري يشكل جزءاً من الوازع الإنساني والديني. بمعنى آخر، بمجرد توفر مصدر ثابت للدخل لدى الشخص المستفيد، تختفي حاجة الآخرين لدفع تكاليف الحياة اليومية لهم.

وفي حالات نادرة محددة، قد تحول الأحكام القضائية وقتية مقدرات الديون القديمة إلى ديون قائمة مرة أخرى. وفي الواقع، يجوز للقاضي منح التصريح بالإقتراض نيابةً عن المدعى عليه في مسائل الأنفاق الخاصة بكافة أقربائه المؤهلين لذلك. وبالتالي، فإن عدم الامتثال لهذا الترخيص سيضعه تحت المسؤولية القانونية لتغطية هذه المصاريف لاحقا.

بشكل عام، تعكس هذه الفروقات التعقيدات المحتملة المرتبطة باتخاذ القرار المناسب بشأن تقديم الدعم المالي داخل المجتمعات الإسلامية، وهي أمور تعتبر محل جدل لفترة طويلة عبر تاريخ التشريع الإسلامي.


الفقيه أبو محمد

17997 blog messaggi

Commenti