لا خلاف بين العلماء على تحريم أكل لحم الخنزير البري، سواء كان مستأنسًا أو متوحشًا. هذا التحريم مستمد من النصوص الشرعية التي تحرم لحم الخنزير بشكل عام، دون تفريق بين الأنواع. قال الماوردي رحمه الله: "مطلق اسم الخنزير: لا ينطلق لغة وعرفا إلا على خنزير البر"، مما يدل على شمولية التحريم. كما أكد الخرشي رحمه الله على تحريم لحم الخنزير البري وشحمه وجلده وعصبه، وهو حكم بالإجماع.
وقد ورد في "موسوعة الطير والحيوان في الحديث النبوي" أن الخنزير البري نجس، ولا يطهر جلده بالدباغ، وشحمه لا يحل الانتفاع به، ولحمه حرام بالإجماع ونص القرآن. هذا التحريم يشمل أيضًا اقتناء الخنزير البري، حيث يعتبر لعابه نجسًا، ويحرم الاتجار فيه بيعًا وشراءً.
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 173]، أكد الطاهر ابن عاشور رحمه الله أن لحم الخنزير يشمل لحم الحيوان المعروف بهذا الاسم، وأن التحريم يشمل الخنزير الوحشي والإنسي على حد سواء.
وبالتالي، فإن حكم أكل لحم الخنزير البري هو التحريم المطلق بلا خلاف بين الفقهاء، استنادًا إلى النصوص الشرعية التي تحرم لحم الخنزير بشكل عام.