يعتبر ولادة الأطفال قبل اكتمال مدة الحمل الطبيعية ظاهرة معروفة باسم "الإنجاب المبكر"، والتي تؤثر بشكل مباشر على عملية تنمية ودعم هذه الولادات الجديدة. إن فهم مراحل النمو الخاصة بالأطفال المبتسرين أمر بالغ الأهمية لتوفير الرعاية المناسبة والدعم اللازم لهم. تبدأ الرحلة بمجرد ولادتهم، حيث يواجهون تحديات مختلفة قد تتطلب تدخلات طبية متخصصة لتعزيز صحتهم العامة ونمائهم الجسدي والعقلي. سنتناول هنا أهم المحطات التي تمر بها حياة هؤلاء الصغار منذ لحظة خروجهم إلى العالم وحتى استقرار وضعهم الصحي.
عندما يولد طفل مبكرًا جدًا، عادة ما يعاني من نقص الوزن ومشاكل التنفس بسبب عدم كفاية نمو رئتيه، بالإضافة إلى اضطرابات هضمية وغددية. خلال الأسبوع الأول بعد الولادة، يتم نقلهم غالبًا إلى وحدات العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة (NICU). وهناك يلعب الطاقم الطبي دورًا حيويًّا في دعم وظائف الجسم الأساسية للرضيع وتعزيز اكتساب القوة والحجم الكافي لدخول مرحلة النمو التالية بسلاسة أكبر.
بمجرد تحقيق الاستقرار الحرج، يمكن نقل الرضع إلى بيئة أكثر راحة تسمح بالتواصل البصري والتفاعلات الاجتماعية مع أفراد العائلة والممرضات المتخصصات. هذا انتقال مهم لأن التعرض للعلاقات الإنسانية يساعد على تحسين الحالة النفسية والجسدية لكلٍّ منهما. كما أنه يشجع أيضًا على تطوير المهارات الحركية الدقيقة والكلامية لدى الفرد دون سن سنة واحدة وهو أمر أساسي لإعداد الطفل للمرحلتَين الآتيتان -مرحلة المشي والحديث-. تشمل هذه الفترة كذلك مراقبة تقدم الطفل الغذائي وتقديم المكملات الغذائية الضرورية إذا اقتضى الأمر ذلك.
بعد تجاوز السنة الأولى، يدخل الطفل مرحلَة جديدة تتميز بتطور مهارات التفكير والاستقلالية لدى الطفل. سوف يستخدم الآن حواسّه الخمس للتفاعل مع محيطه ويبدأ بإصدار أصواتاً وألفاظاً بسيطة تعبر عن مشاعره ورغباته. ومع إتقانه لمهارة المشي، سيصبح قادرًا على مزاولة نشاطاته اليومية بنمط أقرب لما يقوم به الأطفال الذين ولدوا عند الموعد المعتاد للحمل. وعلى الرغم مما سبق ذكره سابقًا حول تعدد مصاعبه المبكرة، فإن قدرة الأطفال المبتسرين ملفتة للإعجاب على مواصلة طريق النمو بكل قوة وإصرار حتى بلوغ مرحلة الطفولة المبكرة ثم لاحقا مراهقة وسن الشباب مثل زملائهما ممن كانوا في بطون أمهاتهم لفترة كاملة بدون انقطاعات غير مخطط لها. إنه شهادة حقٌَّ حقٌَّ على مرونة روح الإنسان والإرادة البشرية!
ومن المهم جداً مراقبة أدائه الأكاديمي وحثِّه على الدراسة وبذل جهود مستمرة لتحقيق توازن بين التعليم العملي والمعرفي بما يحافظ لنفسه مكانته المجتمعية المستقبلية ضمن سلسلة نجاحاتها المنشودة بحول الله وكرمه وعونه جل وعلا. وفي الختام نسأل الله عز وجل دوام العافية وأن ينعم الجميع بصحة جيدة وخير كثير . آمين يا رب العالمين !