يمكن للمسلمين الذين يرغبون في الحصول على حاجياتهم اليومية بشكل منتظم -مثل الخبز مثلاً- التفاوض بشأن ترتيبات شحنات مستقبلية بناءً على اتفاق سابق وتحديد سعر ثابت لكل دفعة. يسمى هذا النوع من العقود بـ "بيع الاستجرار"، والذي تم التأكد من صحته وقبوله لدى مدارس فقهية عدة بما فيها الحنفيّة والمالكية. حيث يمكن لشخص ما تسليم somme مقدمة لصاحب محل الخباز مقابل حق استلام كمية محددة من الخبز خلال فترة زمنية معينة بسعر ثابت ومتفق عليه مسبقاً.
يوضح ابن عابدين (رحمه الله)، استنادًا إلى تعليقات والوالوجيّة، أن هذه العملية ليست مجرد هدية، ولكنها تنطوي ضمنيًا على إبرام العقد بين الطرفين. فعندما يقوم الشخص بتوريد الأموال أولاً ثم يتلقى السلع لاحقًا وفق جدول زمني مرتب وبسعر معروف، يعتبر ذلك عملية شراء بنظام التقسيط المشروطة بالسداد الفوري للأوراق المالية للدفعات المستقبلية ("التقاص"). ويؤكد أيضاً بأن عدم تحديد القيمة الإجمالية بشكل دقيق أثناء تقديم المدفوعات الأولى لن يبطل الاتفاق نظراً لتوضيح التسعيرة التي يتم التعامل بها لاحقاً.
ويركز الباجي رحمه الله على وجهتين أساسيتين لهذه المعاملة القانونية الإسلامية: الأولى تشير للتحريم المحتمل عندما يستخدم المرء مداخيل الآخر لأغراض خاصة بدون موافقتهم الضمنية أو الصريحة. وثانياً، يشجعنا على استخدام الوصاية بدلاً من القروض لتحقيق نفس الغرض بشرط توضيحه بأنه ليس تحت أي ظرف، تعتبر المخاطر التجارية خسائر شخصية عند فقدان المنتجات قبل تسليمها.
وفي السياق الحديث للتفسير والفقه الإسلامي الشامل، يبرز مصطلح "بيع الاستجرار" باعتباره آلية قانونية مشروعة تسمح للشركات الصغيرة والكبيرة بإدارة عمليات البيع والشراء بطريقة منظمة وفعالة تلبي احتياجات العملاء المتنوعة مع مراعاة الاحتياطات المالية والتجارية اللازمة للحفاظ على سلامة السوق والاستقرار الاقتصادي المحلي. وفي النهاية، يعزز فهمنا لهذا النظام أهميته ودوره الحيوي في تعزيز العلاقات التجارية القانونية والمعنوية داخل المجتمع المسلم الراسخ تاريخياً ولكنه قادر أيضاً على تحديث نفسه ليواكب العصر الحالي ومعرفة الأدوات الحديثة لإدارة الأعمال التجارية الرقمية ذات الأصول الذكية.