تعد رحلة الحمل تجربة رائعة ومدهشة تتضمن العديد من التحولات والتغييرات التي تمر بها الأم والجنين خلال فترة التسعة أشهر. بدءاً من لحظة الإخصاب الأولى وحتى ولادة الطفل الصحي، يمر الجنين بمراحل مختلفة ومتنوعة من النمو والتطور. سنستعرض هنا بالتفصيل هذه المراحل الثمانية لتكوين الإنسان داخل الرحم.

في الشهر الأول، والذي يعرف أيضاً بفترة الأجنة المبكرة، تبدأ العملية الحيوية للإخصاب عندما يصل الحيوان المنوي لبويضة المرأة وتحدث عملية الاندماج. بعد ذلك، ينقسم البويضة المخصبة بشكل متكرر مكوناً ما يسمى "الكيس الجنيني". هذا الكيس يحمي ويغذّي الخلايا المتزايدة بسرعة. بحلول نهاية هذا الشهر، يبلغ طول الجنين حوالي 1 ملليمتر فقط وهو عبارة عن كيس صغير يحتوي على خليتين بدأتا تنمو نحو مرحلة أكثر تعقيداً.

وفي الشهر الثاني والثالث، يدخل الجنين مرحلة تسمى الطور الجوهري حيث يتم تشكيل الأعضاء الرئيسية للجسم مثل القلب والكبد والكلى والجهاز العصبي المركزي. يمكن الشعور بتدفق الدم لأول مرة عبر قلب الجنين عند أسبوع الخامس تقريبياً. كما تبدأ براعم اليد والأصابع والأذنان في الظهور وكذلك العينان والفم مع بداية الأسبوع السادس. بحلول نهاية الشهر الثالث، قد يُمكن رؤية شكل الجنين بشكل واضح أكثر ويتحرك بإيقاعات صغيرة غير شعورية للأم بعد.

مع دخول الأشهر التالية، يستمر نمو الجنين بوتيرة سريعة ومتنامية. خلال الشهر الرابع والخامس والسادس، يبدأ الجلد بالتكوّن حول الجسم ويكتسب اللون البني الفاتح بسبب تراكم الميلانين. بالإضافة لذلك، تستطيع الأم الآن الاستماع لصوت نبضات قلب جنينها بواسطة جهاز الموجات فوق الصوتية (السونار). كذلك، تظهر بصمة أصابع القدمين وأيدي الجنين تدريجياً أثناء هذه الفترة الزمنية الهامة.

في الشهور الأخيرة -الشهور السابعة والثامنة والتاسعة- يصبح التركيز الرئيسي على تحسين الوظائف التشغيلية المختلفة داخل جسم الجنين. تبدأ الرئتان في إنتاج بروتين مهم يسمى الصفراء مما يساعد على منع انهيار القصبات الهوائية الصغيرة لدى حديث الولادة. أيضاُ، تصبح قدرة الجنين على التقاط الصور واضحة جداً بالأشعة فوق الصوتية مما يكشف المزيد عن تفاصيل وجهه وحركاته الدقيقة. أخيرا وليس آخرا، قبل الولادة مباشرة، يصل وزن الجنين عادة بين 2,5 كيلوجرام و4 كيلوجرامات بينما طوله يقارب 47 سم – مستعدا تماما للدخول للعالم الخارجي وسط الفرحة والحب الكبير!