مع اقتراب فترة الحمل نحو نهايتها وتحديداً في الأشهر الأخيرة، قد يحدث تغيير ملحوظ في نشاط جنين الأم. هذا الأمر طبيعي إلى درجة ما ولكنه يمكن أن يسبب القلق لدى الأهل المستقبليين إذا لاحظوا انخفاضا غير معتاد في حركات الطفل داخل الرحم. في الشهر الثامن تحديدًا، وهو الجزء الأخير من الثلث الثالث للحمل، تعتبر مراقبة نشاط الجنين أمرًا بالغ الأهمية لتأمين سلامته وصحته.
في هذه الفترة الحرجة، يُفضل ملاحظة وتحليل نمط الحركة الطبيعية للجنين. تميل معظم النساء الحوامل إلى الشعور بحوالي عشرة تحركات واضحة يوميًا بعد مرور حوالي ستة أسابيع منذ بداية الثلاثي الثاني لحملهن. ولكن، مع تقدم الحمل، قد تصبح تلك الحركات أقل كثافة وأكثر انتظامًا بسبب اتساع المساحة المتاحة للأعضاء الداخلية للجسم للتنفس بحرية أكبر. ومع ذلك، فإن الانخفاض الكبير والتغير المفاجئ في مستوى النشاط يمكن أن يشير إلى وجود مشكلة محتملة تحتاج لمراجعة طبية فورية.
يمكن تقسيم الوضع إلى حالتين رئيسيتين: الحالة الأولى هي عندما تشعر المرأة بأن حركات جنينها ليست بنفس القدر المعتاد عليها - ما يعرف بانخفاض مستويات النشاط البسيطة للجنين. حتى وإن كان هناك بعض المخاطر المرتبطة بهذا الأمر، إلا أنه عادة ما يتم التعامل معه بتدخل مباشر ورصد شامل بواسطة أخصائي رعاية صحية مؤهل لإجراء اختبار يسمى "اختبار الكربون المنشط". تتضمن العملية تناول وجبة خفيفة غنية بالأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر لزيادة احتمالية استجابة الجنين بالحركة والثبات تحت مراقبة رسم القلب الفetal heart tracing (المعروف أيضًا باسم CTG). إذا ظل عدم الاستجابة للحركة قائماً رغم كل المحاولات، فقد تكون هناك حاجة لاستكمال التحقيق باستخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية للتأكد من حالة الجنين العامة ومعدلات تدفق الدم إليه بشكل جيد.
أما بالنسبة للحالة الثانية وهي الأكثر خطورة وهي هبوط مفاجئ كبير وحاسم في نشاط الجنين والذي يعادل خسارة أكثر من نصف توقعات التوقعات العادية لنسب الحركة اليوميه . هنا يقوم فريق الرعاية الصحية بإعادة توجيه الأعراض فورًا لتوفير الدعم والعناية المناسبة لكلتا الأم والمولود المنتظر. ويُوصَى عمومياً باستشارة الخبراء في حالات كهذه إذ ربما يؤدي التأخير لأخطار جسيمة تهدد الحياة بصورة عامة بما فيها الإجهاد الفجائي للنظام الدوري للقلب بالإضافة لعرض خطر وفاة الأطفال حديثي الولادة نتيجة اختلال وظائف الجهاز التنفسي لديهم مما يستوجب ضرورة التدخل الطبى المبكر وإجراء عمليات ولادة قيصرية عاجلة إن دعت الضرورات لذلك.
إن فهم ونوعية الاستجابة الصحيحة لانخفاض حركة الجنين خلال الشهور الختامية لهو عامل حيوي لصالح عملية حمل آمنة وسلسة سواء للمرأة نفسها ولمولوداتها الجدد الذين سيولدون بأمان وبصحة جيدة بإذن الله تعالى.