تحولات الرأي العام حول حرية التعبير: دراسة مقارنة بين الشرق الأوسط والغرب

في العصر الحالي، تتصاعد المناقشات المتعلقة بحرية التعبير بشكل ملحوظ. هذه الحرية التي تعتبر أساساً لعديد من الديمقراطيات الغربية، تواجه تحديات كبيرة خا

  • صاحب المنشور: عزيز السمان

    ملخص النقاش:
    في العصر الحالي، تتصاعد المناقشات المتعلقة بحرية التعبير بشكل ملحوظ. هذه الحرية التي تعتبر أساساً لعديد من الديمقراطيات الغربية، تواجه تحديات كبيرة خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث تتداخل قضايا الدين والثقافة والتقاليد مع هذا الحق الأساسي. يعكس هذا المقال تحول وجهتي النظر في موضوع حرية الكلام عبر المقارنة بين المواقف في كل من العالم العربي والمجتمعات الغربية.

الخلفية التاريخية والمعتقدات الثقافية

بالنظر إلى تاريخ المنطقة العربية، نجد أنها قد شهدت نهضة فكرية وفنية بارزة خلال الحضارة الإسلامية الأولى. كانت البيئات العلمية والفلسفية رحبة للنقاش المفتوح والتفكير الحر. لكن بعد ذلك تعرض المجتمع الإسلامي لصدمات عديدة منها الفتوحات الصليبية والحروب الصليبية الثانية وما أعقبها من اضطهاد طال المفكرين والكتّاب الذين كان لهم دور ريادي في نشر المعرفة والعلم. أدى الأمر إلى تشديد القبضة الحكومية على الأفكار وانتشار سياسة "التعصب" ضد أي شكل من أشكال الاختلاف الفكري أو السياسي مما أدى إلى تقييد حرية التعبير.

وفي الجانب الآخر، يظهر لنا التاريخ الأوروبي قصة مختلفة تماما حول حرية التعبير. فقد مر بفترات مظلمة مثل عصر الظلام عندما فرض الكنيسة الرومانية سلطة مطلقة على الفكر والشريعة، ولكن سرعان ما ظهرت حركة النهضة وأصبحت أوروبا رائدة عالمياً في مجال حقوق الإنسان بما فيه حق الفرد في الحصول على المعلومات وتبادلها بحرية. ومن الجدير بالذكر أيضاً الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩ والتي أكدت أهمية حق الناس في الحديث والنشر المطلق بدون رقابة حكومية إلا ضمن حدود القانون الذي يحمي أيضاً المصالح العامة والأفراد الآخرين.

التأثير الاجتماعي والديني

تأثر مجتمع الشرق الأوسط بصورة عميقة بالتوجهات الدينية والإسلام كدين رسمي لدولة عدة دول عربية، حيث يتم التعامل بحساسية أكبر تجاه بعض الموضوعات مقارنة بالمواضيع ذات الطابع غير الديني. يمكن اعتبار هذا الاحتياط أمراً منطقياً نظرا لتأثير الدين العميق داخل البنى الاجتماعية لهذه البلدان والذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من هويتها وشخصيتها الوطنية - شئ ليس له مثيل بنفس القدر في العديد من الدول الغربية رغم وجود اختلاف كبير فيما يتعلق بمظاهر التدين الشخصي للفرد هناك أيضا.

بالإضافة لذلك فإن طبيعة العلاقات المجتمعية متينة ومترابطّة أكثر بكثير مما هي عليه حاليًا داخل معظم تجمعات الجاليات الغربية الحديثة العملاقة والتي غالبًا ما تكون هشة وخالية نسبيّا من الروابط العائلية التقليدية الضيقة. هذا يعني أنه حينما تصدر تصريحات علنيّة تخالف الأعراف المحلية عامة وقد تكون غير مقبولة دينياً خصوصاً، فتكون لها تأثيرات اجتماعية قابلة للملاحظة مباشرة وبسرعة نسبيا لدى تلك الشرائح السكانية. بينما ربما تحتاج ردود فعل مشابهة لدى البعض خارج دائرة الثقافة العربية لمواكبتها لفهم مدى تأثيرها المحتمل لأسباب سبقت الإشارة إليها سابقاً.

التشريعات والقوانين

تختلف قوانين إدارة وسائل الإعلام ومراقبة محتوى الرسائل المنشورة عبر الإنترنت بدرجة متفاوتة بناءً علي السياقات السياسية المختلفة لكل بلد عربي مستقل بذاته سياسياً وهو أمر مشترك أيضًا بين أغلبية دول العالم الأخرى بطرق أخرى أقل صراحة وقسوة إن صح وصف الوضع الأخير كما ذُكرت سابقا بشأن حالات خاصة تتميز بالحساسية فوق الطبيعي للأحكام الشرعية لدينا هنا .

وعلى الرغمِ من تعدد أوجه المقارنات بين حالة حرية الصحافة سواءٌ بالقراءة المجانية المجانية المباشرة ام حتى عبر الوصول المدفوع المرتبط ارتباط مباشر بمدى قوة اقتصاد البلد واستقراره ، تبقى رؤيتنا النهائية بأن المساحة الآمنة للتعبير تعكس مستويات عالية من الحكم الرشيد وتحقيق الأمن والاستقرار الداخلي وعلى رأس قائمة الأولويات الوطنية وهي المساعي المشتركة للقائمين بها سواء أكانت شرعية أو ديموقراطيه واجتماعية تدعم جميعها نفس الهدف الأسمى لطمأنينة النفوس وكسب ثقة المواطنين بتلك الدولة الواحدة مهما تكن الأحجام والقوام المختلف لشكلاتها الرسمية المعلنة عنها للعالم الخارجي!


عبدالناصر البصري

16577 Blog mga post

Mga komento