- صاحب المنشور: كوثر بن عمر
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهد العالم تغييرات كبيرة في توازن القوى السياسية والاقتصادية. تصاعد وجود الصين كقوة اقتصادية عالمية له تداعيات جوهرية على النظام الدولي. إن التحول الاستراتيجي للصين ليس مجرد قصة نمو اقتصادي؛ فهو يعكس طموحات سياسية أعمق وأهداف geo-politics أكثر تعقيداً.
منذ ثورة الإصلاح الاشتراكية تحت قيادة دينغ شياو بينغ في عام 1978، حققت الصين معدلات نمو اقتصادي غير مسبوقة، مما جعلها الثانية أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة. هذا الانتعاش الاقتصادي لم يقتصر على الداخل فحسب، بل امتد إلى الأسواق الخارجية عبر مشاريع "الحزام والطريق"، التي تهدف إلى توسيع التجارة وترابط البنية التحتية مع أوروبا وآسيا والمحيط الهندي. هذه الخطوة لا تتعلق بمجرد الربحية التجارية، ولكن أيضا بتأمين الوصول المستدام إلى المواد الخام والأفكار المبتكرة وموارد الطاقة.
بالإضافة لذلك، استثمرت الصين بكثافة في البحث والتطوير العسكري الحديث، حيث أصبحت الآن واحدة من الدول الرائدة في مجال الرصد الفضائي والصواريخ الدقيقة والاستخبارات الإلكترونية وغير ذلك الكثير. وقد أدى هذا الإنفاق المتزايد إلى تحولات جذرية داخل منظمة الحلف الأطلسي (NATO) والدول الغربية الأخرى، الذين وجدوا بأنفسهم أمام تحدٍ عسكري جديد يتطلب مراجعة كاملة لاستراتيجيات الدفاع المشتركة.
وعلى الصعيد القانوني الدولي، تسعى الصين بقوة إلى فرض آرائها الخاصة بشأن نزاعات بحر الجنوب الشرقي وبحر الصين الشرقي، وهو ما يشكل مصدر توتر مستمر مع اليابان وفيتنام والفلبين وكوريا الجنوبية. كما أنها تتصدر جهود تحقيق السلام العالمي من خلال مشاركتها الفعالة في الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون (SCO).
وفي النهاية، فإن تأثير الصين خارج حدودها ليس فقط نتيجة لنجاحاتها الذاتية، ولكنه أيضاً نتاج للاستياء growing تجاه السياسات الأمريكية - خاصة فيما يتعلق بالتجارة والحرب التجارية الحالية - والتي غالبا ما تعتبر متعارضة مع المصالح الدولية طويلة المدى.
بالتالي، يبدو واضحا أنه رغم كل الاختلافات الثقافية والتاريخية الكبيرة، قد تكون هناك حاجة لتحقيق نوع جديد من التعاون الثنائي أو حتى تعديل هيكلي للنظام العالمي لإدارة العلاقات الجديدة بشكل فعال ومتكامل.