- صاحب المنشور: الفقيه أبو محمد
ملخص النقاش:
في العصر الحديث، شهدت المجتمعات حول العالم تحولات كبيرة بسبب انتشار استخدام التكنولوجيا. هذه التحولات لم تقتصر على جوانب معينة من الحياة فحسب، بل طالت أيضاً بنية الأسرة التقليدية التي كانت تشكل العمود الفقري للمجتمعات البشرية لعدة قرون. يتناول هذا المقال تأثير التكنولوجيا على دور الأسرة التقليدية وكيف أدى إلى ظهور تحديات جديدة وإحداث تغيير جذري.
1. **زيادة الاستقلالية الفردية**: يُمكن الآن للأفراد التواصل والتوصل مع الآخرين عبر الإنترنت بغض النظر عن المسافات الجغرافية. وهذا يؤدي إلى زيادة الاستقلالية الفردية حيث يمكن للشباب البقاء أكثر قرباً لأصدقائهم والعائلة الذين يعيشون بعيدًا، مما يقلل الاعتماد على العلاقات الأسرية القريبة. كما أنه يسمح للأشخاص بممارسة الهوايات والأعمال التجارية الرقمية من المنزل، وبالتالي تقليل الحاجة للتعاون داخل نطاق العائلة الواحدة لإدارة شؤون الحياة اليومية.
2. **الوقت المشترك المتناقص**: يُعزى أيضًا الانخفاض في الوقت الذي يقضيه أفراد الأسرة مع بعضهم البعض جزئيًا إلى الزيادة الهائلة في وسائل الترفيه الإلكترونية مثل ألعاب الفيديو والتلفزيون الذكي والموبايل وغيرها الكثير. كل فرد قد ينغمس في عالم رقمي خاص به أثناء وجودهم تحت سقف واحد، مما يؤثر سلبًا على الروابط الاجتماعية العائلية ويسبب شعور بالعزلة بين الأفراد حتى وإن كانوا يجلسون قريبين جدًا فعليًا.
3. **الأمان والمعرفة الشخصية**: تساهم وسائل الإعلام الاجتماعية والشاشات الصغيرة الأخرى في تعريض الأطفال والكبار على حد سواء لما يعرف بـ "العرض غير المناسب" وهو محتوى ربما ليس مناسب لعمر أو خلفيات ثقافية محددة ضمن المجتمع العربي التقليدي. بالإضافة لذلك فإن التعامل المستمر مع التكنولوجيا يشجع على عدم الكشف الكافي عن المعلومات الخاصة والأمور الدقيقة المرتبطة بالخصوصية الشخصية والتي غالبًا ماتكون جزء مهم ومحوري من الدين الإسلامي والثقافة العربية الأصيلة.
4. **دور الوالدين كمعلمين**: تلعب الأمهات والأباء دوراً محورياً كموجهين ومعلميين داخل بيئة البيت التقليدية قبل دخول العالم الرقمي بكثافته الحالية. ولكن بعد ذلك أصبح هناك مصدر جديد لتلقى المعرفة وهو الإنترنت نفسه والذي بات المصدر الأول للمعارف الجديدة لدى العديد من الشباب الصغير السن خاصة وأن المحتويات التعليمية عالية الجودة متاحة حاليا مجانا وعبر مختلف المنصات وحتى تلك الموجودة بلغتهم الأصلية الأمر الذي يسهّل عملية التدفق المعرفي لديهم مستقبلاً خارج حدود عادات وأسلوب التدريس الداخلي للعائلات ذات الثقافة الإسلامية المحافظة .
خاتمة:
على الرغم من الفوائد العديدة للتطور التكنولوجي إلا إنه يحمل معه تحديات جدّية تتعلق بقيم وقواعد الاسرة البيوت العربية القديمة والتي تعتمد تاريخيًا على تماسك رابطة الأقارب وارتباط الأعضاء بخيوط رحمية وثيقة تربطهم بالحاضر وماضي التاريخ المجيد لهم كأصول. إن إدراك لهذه التأثيرات يساعد في وضع استراتيجيات لحماية هياكل مجتمعنا الاجتماعي والحفاظ عليها ضد أي تأثيرات ضارة محتملة قادمة كنتيجة مباشرة لهذا التحول الكبير الذي طرأ مؤخراً في حياتنا العملية اليومية نتيجة لاستخدام الوسائل الحديثة للتواصل والاستمتاع وكذلك الحصول على المعلومة العلمانية منها والدينية أيضا حسب اختلاف السياقات المختلفة لكل بيت عربي مسلم .