- صاحب المنشور: الفقيه أبو محمد
ملخص النقاش:
انطلاقاً من الثورة الصناعية إلى يومنا هذا، شهد العالم تحولات جذرية أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على توفير واستدامة الإمدادات الغذائية. تشكل هذه التحولات تحدياً كبيراً للأمن الغذائي عالمياً، حيث تواجه الدول الآن مجموعة متنوعة ومتشابكة من القضايا المتعلقة بالغذاء والتي تتراوح بين التغير المناخي، والنمو السكاني، والصراعات المحلية والعالمية، والاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية. يهدف هذا المقال إلى استكشاف الأسباب الجذرية لهذه الأزمة وكيف يمكن معالجتها.
التغيرات البيئية والتأثير على الزراعة
تعتبر تغييرات الطقس أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على إنتاج الغذاء. فارتفاع درجات الحرارة والجفاف الشديد هما سبب رئيس لفشل المحاصيل، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الغلات وبالتالي زيادة الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، يلعب تآكل التربة دورًا حاسماً أيضًا؛ نظراً لأن العديد من المناطق الريفية تعتمد أساساً على زراعة الأرض نفسها لإنتاج محاصيلها الأساسية مثل الذرة والقمح. وهذا يشكل عبئا ضغطا هائلا على صحة وأداء الأراضي الضعيفة أصلاً بسبب البستنة المكثفة والسكان المتزايدين الذين يتوقع منهم الاعتماد عليها كمصدر رزقهم الوحيد. إن تطبيق تقنيات الزراعة الدوائر البيولوجية الخضراء قد يساعد في الحد من هذه المشكلة عبر تعزيز قدرة التربة على الاحتفاظ بالسوائل وتحسين خصوبتها بطرق أكثر مراعاة للبيئة مقارنة بالأسمدة الاصطناعية التقليدية ومبيدات الآفات الكيميائية. ومن الواضح أنه بينما يساهم الانحباس الحراري الحراري العالمي بالفعل في خلق بيئات غير مناسبة للإنتاج الفعال للغذاء اليوم - فإن الاستجابات طويلة المدى تستحق النظر مليًّا قبل اتخاذ أي إجراء عاجل آخر قد يعرض مواردنا الغذائية لمزيد من الضرر المحتمل.
نمو السكان واستنزاف الموارد
ويظل الجانب الأخير لكن بالتأكيد ليس الأقل أهمية في نظرتهما متعدد الأبعاد لأزمات الغذاء وهو الضغط المتزايد الناجم عن النمو السكاني مقابل مخزون محدود نسبياً من المياه والأغذية المعدنية المستخدمة حاليًا لإنتاج احتياجات البشر الحاليون والمتوقعة مستقبلاً. وعلى الرغم من وجود حلول محتملة تتعلق بتطوير تكنولوجيا جديدة لتحويل المواد الأولية المختلفة إلى طعام قابل للتغذية وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لتزويد العمليات الزراعية بمياه ري خالية تماماً من الأملاح الثقيلة المؤذية للنباتات – إلا أنها تحتاج أيضاً لجهد مجتمعي واسع النطاق ليتم اعتمادها فعلياً وتعميمها بشكل كامل . ويجب دعم الحكومات والحكومات ذات الصلة بشدة للحصول على تمويل مناسب لدفع عجلة البحث والابتكار اللازمين حتى تصبح تلك الحلول واقعاً قابلاً للتطبيق تجارياً وقابل للاستمرارية الاقتصادية بلا شك.
وفي الوقت نفسه ، يجب وضع سياسات ذكية توفر نظام مرونة هيكلي أكبر ضد المجاعات المرتبطة بالعزلة السياسية أو التجارية المفروضة داخليا وخارجيا لذاكرة قصيرة الأمد مصممة بقصد التأثير السياسي وليس تدبير المواقف الإنسانية المنطقية بعيدا عن المصالح الشخصية ضيقة المدى والدمار الذي يحققونه لبقية المجتمع الدولي كما حدث خلال العقوبات الأخيرة مثلاً عندما عطلت صادرات بعض دول الشرق الأوسط بنسب كبيرة أدت لعجز واضح لدى البلدان الأخرى المعتمدة جزئيآ عليها لسلسلة غذائيتها كامله. وهكذا نرى كيف تساهم سياسة الدولة وعلاقاتها الدولية أيضا بإحداث شريحة أخرى ضمن الصورة الأكبر لطرح موضوع الأمن الغذائي العالمي بأكمله برمتها .
إن مواجهة مشكلة نقص الطعام ليست مجرد مسألة تزويد الفقراء بصندوق غذاء مجاني مؤقت بل إنها قضية تطالب باتفاق موحد عالميًا بشأن كيفية إدارة اقتصادتنا وكل مورد طبيعي تمتلكه كوكبنا