- صاحب المنشور: عبد المنعم الحلبي
ملخص النقاش:
مع تطور التكنولوجيا بسرعة غير مسبوقة، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. هذا الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات مهمة حول كيفية تأثيره على سوق العمل العالمي. بينما تقدم بعض التقارير توقعات بأن الروبوتات والأنظمة الذكية ستحل محل ملايين الوظائف البشرية، هناك آخرون يشيرون إلى أنها قد تخلق فرص عمل جديدة تمامًا. لنستعرض هذه الآراء المتضاربة.
التأثيرات المحتملة للأتمتة
الأتمتة - وهي عملية استخدام الأجهزة أو البرامج لتنفيذ العمليات التي كانت تُنجز تقليديًا بواسطة الأشخاص - هي أحد الجوانب الرئيسية لتوسع الذكاء الاصطناعي. يمكن لهذه العملية أن تؤدي إلى فقدان وظائف معينة، خاصة تلك المرتبطة بمهام روتينية ويمكن التعامل معها بفعالية أكبر باستخدام البرمجيات. على سبيل المثال، العديد من الصناعات مثل التصنيع والمصارف وتجارة التجزئة قد شهدت بالفعل زيادة كبيرة في استخدام الآلات والأتمتة. بحسب دراسة نشرت عام 2018 من قبل صندوق النقد الدولي, يُقدر أنه خلال العشرين عاما القادمة, حوالي 7% من جميع الأعمال الحالية سوف تتأثر بالأتمتة بسبب الذكاء الاصطناعي والروبوتات.
خلق الفرص الجديدة
رغم المخاوف بشأن الخسائر المحتملة لوظائف بشرية، فإن الذكاء الاصطناعي قادر أيضًا على إنشاء مجالات عمل جديدة لم تكن موجودة سابقا. حيث أن تطوير وإنشاء وصيانة منظومات الذكاء الاصطناعي نفسها يستلزم مهارات متخصصة تحتاج إليها شركات ومختبرات البحث العلمي. بالإضافة لذلك، فإن التطبيقات المتزايدة للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات كالصحة والعناية بالبيئة والتجارة الإلكترونية وغيرها، تتطلب خبرات فنية وفكرية عالية المستوى والتي تستطيع تغير وجه المشهد الاقتصادي الحالي.
دور التعليم والإعادة التدريب
في ظل تغيرات السوق الناجمة عن الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، يعد الاستثمار في التعليم وإعادة التدريب أمر حيوي للحفاظ على القدرة التنافسية للموارد البشرية. الحكومات والشركات عليها مسؤولية دعم البرامج التي تساعد الأفراد على التكيف مع بيئة العمل الحديثة ومتطلباتها الفريدة. تشمل أمثلة ذلك دورات تعلم المهارات الرقمية الأساسية مثل برمجة الكمبيوتر وتعليم البيانات الضخمة واستخدام أدوات التحليل الإحصائي المتقدم وأنظمة إدارة المعرفة الأخرى ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
وفي النهاية، يبدو واضحاً أن علاقة الإنسان مع الذكاء الاصطناعي ليست تنافساً بينهما بل تعاون مشترك لإنتاج نتائج أفضل لكل منهما. فالأسئلة الأكثر أهمية هنا ليست "هل سيقتل الذكاء الاصطناعي الوظائف؟" ولكن كيف يمكن جعل المجتمع أكثر استعداداً للتغيرات المقبلة وكيف سنقوم بتوجيه استخدام هذه التكنولوجيا لتحقيق مصالح مشتركة ورؤية شاملة لاستدامة البيئة والاقتصاد والثقافة العالمية.