• صاحب المنشور: مهدي السعودي
  
  ملخص النقاش:
  

  تُعتبر التحولات الكبيرة التي يشهدها مناخ الأرض واحدة من أكثر القضايا ظهوراً في القرن الحادي والعشرين. التأثيرات المتعددة لهذه التغييرات تتجاوز مجرد تغييرات درجات الحرارة إلى تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على مختلف القطاعات الاقتصادية والبيئية، لكن العلاقة الأكثر حساسية هي بين تغيرات المناخ والأرض الزراعية. هذا الأمر يتخذ أهمية خاصة نظراً لدور هذه الأراضي في توفير الاحتياجات الغذائية العالمية.

الأراضي الزراعية معرضة لعدد كبير من الضغوط الناجمة عن تغير المناخ، بداية من تقلبات الطقس الشديدة مثل الجفاف والحرائق وتغير الأمطار الموسمية مما يؤدي إلى انخفاض المحاصيل وتلف النباتات. بالإضافة لذلك، ترتفع معدلات ذوبان الجليد في المناطق القطبية الشمالية والتي يمكن أن تؤثر على دورة الماء والتوازن البيئي العام للأرض. وهذا قد يسبب أمراض جديدة أو انتشار آفات زراعية غير معروفة سابقا.

تأثير مباشر على الإنتاج

في العديد من البلدان الفقيرة والمزارعين الصغار الذين ينتجون غالبية المنتجات الغذائية حول العالم، فإنهم يعانون حالياً من هذه التأثيرات بطرق مختلفة. فمثلاً، إذا تناقص إنتاج المحاصيل بسبب ارتفاع درجات الحرارة، سيؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار وانخفاض توافر الطعام، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. هناك أيضاً مخاوف بشأن قدرة المزارعين على التكيف مع الظروف الجديدة بسرعة كافية لضمان استدامة إنتاجهم.

التكلفة الاجتماعية والاقتصادية

على المستوى العالمي، تشكل خسائر المحاصيل نتيجة لتغير المناخ عبئاً ثقيلاً على المجتمع الدولي. فقد قدرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الخسارة السنوية الناجمة عن تغير المناخ بنحو 10% من إيرادات الفلاحين الدوليين - وهو رقم مؤلم عندما ننظر للملايين ممن يعيشون تحت خط الفقر ويعتمدون بشكل كبير على العمل الزراعي للحصول على مصدر رزق لهم ولأسرتهم.

الاستعداد للتغيير

لتفادي المزيد من المصائب المحتملة، أصبح ضروريًا اتخاذ إجراءات سريعة ومستدامة للتعامل مع تحديات تغير المناخ. يجب تعزيز جهود البحث والاستثمار في التقنيات الحديثة والأبحاث العلمية لفهم أفضل لكيفية عمل النظام البيئي وكيف يمكن للدول والأفراد المساهمة بتغييراته بعيدا عن الانحباس الحراري العالمي.

كما أنه من المهم أيضا دعم البرامج التعليمية والتوعوية للمجتمعات الزراعية لمساعدتها على فهم وتحسين مهاراتها اللازمة لمواجهة الآثار غير المتوقعة لتغير المناخ واحتمالات حدوث مواسم جفاف شديد أو هطول امطار غزيرة مفاجئة عبر تطوير طرق ري مبتكرة واستخدام أصناف محاصيل مقاومة للجفاف وغيرها الكثير.

بشكل عام، يبدو واضحاً أن حل مشكلة تغير المناخ ليس قضية طارئة بالنسبة لنا جميعاً؛ بل إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لعشرات ملايين الأشخاص المعتمدين الآن وعلى مدى السنوات المقبلة اعتمادًا كاملًا على سلامة وطعامنا اليومي.