- صاحب المنشور: عبد الغفور بن عبد المالك
ملخص النقاش:
في ظل الأعداد الكبيرة للاجئين الذين فروا من سوريا بسبب الحرب المستمرة هناك، يبرز التحدي الكبير لإعادة تأهيلهم نفسيًا واجتماعيًا. هذا الجانب غالبًا ما يتم تجاهله رغم أهميته البالغة في المساعدة على دمج هؤلاء الأفراد مرة أخرى في المجتمعات التي يقيمون بها حالياً أو قد يعودون إليها مستقبلاً. يشكل الضغط النفسي الناجم عن تجارب الرعب والصدمات النفسية العميقة حاجزاً كبيراً أمام تحقيق الاستقرار والتكيف الاجتماعي لهذه الفئة الحساسة.
تأثير الصدمات النفسية
تعرض العديد من اللاجئين السوريين لصدمات نفسية جسيمة أثناء فرارهم من بلادهم. هذه التجارب القاسية تتضمن مشاهد العنف الشديد، الخسائر الشخصية مثل فقدان الأحباء والأصدقاء والعائلة، بالإضافة إلى ظروف المعيشة غير الآمنة وغير الصحية خلال فترة اللجوء الأولى. كل هذه العوامل تترك أثراً عميقاً على الصحة النفسية للأفراد وتؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). تشمل الأعراض الشائعة لهذا الاضطراب الكوابيس المتكررة، الذكريات المؤلمة المستمرة، زيادة الشعور بالقلق والخوف، وانخفاض القدرة على التركيز والحفاظ على علاقات صحية مع الآخرين.
دور إعادة التأهيل النفسي
تعتبر عملية إعادة التأهيل النفسي خطوة حاسمة نحو التعافي والإدماج المجتمعي. تقدم خدمات الدعم النفسي المهنية آليات فعالة للتعامل مع آثار الصدمات النفسية وتعزيز المرونة لدى اللاجئين. يمكن لتطبيقات العلاج المختلفة مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، والعلاج الجماعي، والدعم الروحي المناسب للمعتقدات الثقافية لكل فرد، مساعدتهم على مواجهة ذكريات الماضي بصورة أكثر سلاما وبناء مشاعر الإيجابية الذات والثقة بالنفس مجددًا. كذلك فإن تعليم مهارات جديدة كالكتابة الأدبية والفنية تساهم أيضاً في تحويل الطاقة الداخلية واستبدال الألم بحياة ذات أغراض وأهداف واضحة المعالم.
التحديات العملية والمعوقات الاجتماعية
رغم أهميتها القصوى، تواجه جهود إعادة التأهيل العقلي عدة تحديات وموانع رئيسية:
- نقص الموارد: يتطلب تقديم الخدمات النفسية مدربين مؤهلين جيدًا والمرافق اللازمة مما يعدّ استثمارا مكلفًا خاصة بالنسبة لدول بعيدة جغرافيا حيث تعاني الحكومات المحلية بالفعل تحت وطأة أزماتها الاقتصادية الخاصة.
- التقبل الثقافي: بعض المجتمعات المضيفة تتمتع بتقاليد ثقافية ترفض طلب المشورة الطبية والنفسية علناً خوفاً من وصم أفرادها بالإصابة بالأمراض "النفسانية". وهذه الوصمة تؤثر سلبيا أيضاُ داخل مجتمع اللاجئ نفسه مما يخلق بيئة قمعية للحاجة الطبيعية للحصول على نوعٍ من المساندة الرسمية عند الحديث حول حالات الاكتئاب والشجن الداخلى وما شابه ذلك .
- الصراعات السياسية والقانونية: وضع الهجرة الغامض والذي ينشأ عنه عدم اليقين بشأن الحقوق القانونية قد يؤدي إلى شعور متزايد بالحزن وعدم العدالة بين كثير ممن يُسمو عليهم وصف لاجئي الحرب.
إن حل هذه القضايا الأساسية سيفتح الطريق أمام تكثيف الجهود المبذولة لتوفير دعم أفضل وإعادة تأهيل شامل لضحايا الحرب في سوريه ،كما أنه سيكون له انعكاس مباشرعلى شكل حياة الاف البشر الذين قضوا اعوام طوال وهم يتشبثون بذكريات الماضي المدمر ويقاومون للتغلب عليها بأفضل طريقة ممكنة بدون وجود أدوات مناسبة لذلك الأمر الخطير الذي يستحق اهتمام الجميع بكافة دول العالم!