- صاحب المنشور: بشرى بن شماس
ملخص النقاش:
في عالم يتغير بسرعة بفضل الثورة الرقمية، باتت التكنولوجيا تلعب دوراً هاماً ومؤثراً في مجال التعليم. هذا التحول يطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذه الأداة الجديدة على الأساليب التعليمية التقليدية. هل تعتبر التكنولوجيا فرصة لتعزيز جودة التعلم وتوسيع نطاق الوصول إليه أم هي تهديد قد يؤدي إلى تآكل القيم والمعرفة المتراكمة عبر التاريخ؟
الفرص التي تقدّمها التكنولوجيا للتعليم:
- التعلم الشخصي: باستخدام أدوات التعلم الإلكتروني، يمكن تصميم تجارب تعلّمية مُخصَّصة لتلبية احتياجات الطلاب الفردية. وهذا يعزز فعالية العملية التعليمية ويسمح بإيقاع تعلم أكثر مرونة.
- المرونة والوصول: تقدم الإنترنت فرصاً لا حصر لها لأي شخص لديه جهاز متصل بالإنترنت للتعلُم بغض النظر عن موقعه الجغرافي أو ظروفه الاجتماعية. فالتعليم عبر الانترنت أصبح خيارًا متاحًا للأفراد الذين يعملون أثناء النهار أو الأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية حيث لا تتوفر المدارس المحلية الكافية.
- تحسين التواصل والتفاعل بين المعلمين والطلبة: الأدوات الرقمية مثل المنتديات والمباشرات المرئية والفيديوهات الدورية تسمح بتواصل أفضل وبناء علاقات أقوى بين جميع الأطراف المعنية بعملية التعليم مما يعزز التجربة الشاملة للعملية التعليمية.
- تنوع المحتويات التعليمية: توفر الموارد الإلكترونية كمًا هائلاً من المعلومات المتاحة بنقرة واحدة فقط وهو الأمر الذي لم يكن ممكنًا قبل ظهور التكنولوجيا الحديثة. ويمكن استخدام هذه الوسائل بطرق متنوعة وجذابة للمتعلمين الصغار والكبار أيضًا مما يساعدهم على فهم المفاهيم الأكثر تعقيدا بصورة أبسط وأكثر تشويقا لهم .
التهديدات المحتملة بسبب اعتماد تكنولوجيات جديدة :
- الفجوة الرقمية: رغم كل الإمكانيات الرائعة التي تحملها لنا تقنيات العصر الحديث إلا أنه تبقى هناك مشكلة مستمرة وهي عدم توازن القدرة المالية لدى الجميع فيما يتعلق بالحصول على الاتصال بشبكة الويب العالمية والتجهيزات اللازمة لاستخدام المنصات التعليمية المختلفة مما يعني وجود شريحة كبيرة محرومة من الاستفادة القصوى ممّا توفره تلك الأدوات الجديدة ضمن حقبة "العصر الرقمي".
- القيمة المعرفية والعاطفية للحياة الجامعية التقليدية: يعد جزء كبير مما يتميز به النظام الأكاديمي التقليدي هو البيئة الحاضنة للتجارب الشخصية والإنسانية داخل حرم المؤسسات العلمية القديمة ذات الروح الثقافية والحضارية الغنية والتي تساهم بدرجة كبيرة في بناء شخصية الطالب المستقبل وقد تكون الخسارة هنا معنوية ولكنها مهمة للغاية بالنسبة لهذا الجيل الجديد خاصة وإننا نتحدث عن ايجابيات تكوين شبكات العلاقات المجتمعية خارج حدود المناهج الدراسية نفسها ولكنه أمر معرضٌ للإضعاف تحت ضغط الانتقال نحو المسارات التعليمية البحتة بدون معانٍ عميقة أخرى مرتبطة بذلك السياقات الوظيفية لغرف التدريس الواحدة .
وفي نهاية المطاف فإن الإجابة على السؤال الرئيسي للمناقشة -هل يعتبر الاعتماد على التكنولوجيا هدفاً مفيداً أم مصدر قلق بشأن استمرارية التعليم كما نعرفه اليوم ؟- تتطلب دراسة متأنية لكل من الجانبين المقترحين أعلاه؛ حيث إن لهذه الظاهرة آثار عميقة ستشكل شكل العالم الخارجي والنظام الاجتماعي وقيمه المركزية بالإضافة لعلاقتنا الخاصة بمستقبله أيضاً خلال السنوات التالية القريبة والأبعد منها كذلك .. ومن المؤكد ان القرار النهائي سيعتمد ليس فقط على التطور التكنولوجي نفسه بل أيضًا على كيفية إدارة عملية تطوير السياسات العامة واتخاذ قراراتها برباطة جأش وصراحة لمساعدة الأفراد لتحقيق قدرتهم المثلى للاستفادة من مزايا الفضاء الرقمي والمعرفة غير المشروط بها وكذلك الاحتفاظ بقيم الماضي وتعبيراته الجميلة وإبداعات أفكار وآثار إنجازات الإنسان الإنسانية الأصيلة أيضاً !