في رحلة دينية فريدة من نوعها وغير قابلة للتكرار، يُشير القرآن الكريم والسنة النبوية إلى حدث مهم للغاية حدث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما يعرف بـ "ليلة الإسراء والمعراج". هذه الليلة المباركة التي وقعت قبل الهجرة بثلاثة أشهر تقريبًا هي واحدة من أكثر اللحظات تأثيرًا وتألقاً في التاريخ الإسلامي. خلال هذا الحدث العظيم، نقل الله سبحانه وتعالى نبيه من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس الشريف ثم رفع إليه حتى وصل سدرة المنتهى في السماء العليا.
وفقًا للسيرة النبوية والشهادات الدينية الأخرى، بدأت هذه الرحلة عندما نام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام مستلقيًا بين الركن والمقام كعادته للعبادة والتأمل. بينما كان يرتاح، جاء جبريل عليه السلام ومعه البراق - وهو جواد أبيض عظيم - ونقله إلى بيت المقدس. عند وصوله هناك، قابل العديد من الأنبياء السابقين مثل إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام الذين كانوا يؤدون الصلاة مع المسلمين المقيمين في ذلك المكان مقدسة. بعد أداء الصلوات الخمس المفروضة للإنسانية جمعيًا، ركب النبي مرة أخرى على ظهر البراق نحو الأعلى.
مع كل خطوة للأعلى، زادت شدة التجربة الروحية والعظمة الإلهية. ومن سماوي لسماوي آخر، شهد النبي المعجزات والإشارات المختلفة لألوهية الله ووحدانيته. وفي نهاية المطاف، وصل إلى سدرة المنتهى وهي شجرة عظيمة فوق درجة عالية جدًا بالقرب منها شاهد حقائق سامية تتعلق بخالق الكون وصفاته الجوهرية. وهناك أيضًا فقد حجاب الدنيا فاستقبل الوحي مباشرة وبُعث منه الصلاة خمس مرات يومياً.
تعود قصة الإسراء والمعراج لتؤكد أهمية مكانة المدينة المنورة بالنسبة للمسلمين كونها محطة رئيسية لهذه الرحلة المقدسة بالإضافة لمكانتها الخاصة باعتبارها مركز انتشار الدعوة الإسلامية تحت قيادة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم. كما أنها توضح قوة إيمان المسلمين وجسر التواصل بين الأرض والأجواء العلوية مما يعزز فهم البشر للعالم الروحي ويذكر الإنسان بأن الملكوت ليس مجرد مفهوم عقلي بحت ولكنه واقع يمكن الوصول له بالتوجه لله وحده. إنها لحظة هامة تعكس القرب الخاص بين خالقه وخليفته الأمين صلى الله عليه وسلم ضمن منظومة العقائد والقِيَم الإنسانية المتسامية للدين الاسلامي الحنيف.