الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
يعد هجر الزوج لزوجته موضوعًا مهمًا في الفقه الإسلامي، حيث يختلف الحكم الشرعي حسب الظروف والملابسات. وفقًا للتعاليم الإسلامية، لا يجوز للزوج هجر زوجته دون مسوغ شرعي، خاصة إذا كان الهجر لفترة طويلة أو دون سبب مقنع.
فيما يتعلق بهجر الزوج لزوجته، فقد بين الفقهاء أن الهجر لا يجوز إلا في حالة نشوز المرأة، بعد وعظها وعدم إفادته. كما ذكر الحجاوي الحنبلي -رحمه الله- في "الإقناع": "إذا ظهر منها إمارات النشوز... وعظها، فإن رجعت إلى الطاعة والأدب، حرم الهجر والضرب، وإن أصرت وأظهرت النشوز: بأن عصته وامتنعت من إجابته إلى الفراش، أو خرجت من بيته بغير إذنه، ونحو ذلك، هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام، لا فوقها، فإن أصرت ولم ترتدع، فله أن يضربها، فيكون الضرب بعد الهجر في الفراش".
ومع ذلك، فإن هجر الزوج لزوجته خارج البيت لا يعتبر جائزًا إلا في حالات معينة. فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: [رقم الفتوى].
إذا هجر الزوج زوجته دون مسوغ، يكون ظالمًا لها، وجاز لها التطليق عليه. كما ذكر الدردير المالكي -رحمه الله- في "الشرح الكبير": "ولها: أي للزوجة التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها...".
إذا كان زوج المرأة يحادث الأجنبيات ويصاحبهن، فهو آثم، وعلى زوجته أن تنهاه عن هذا المنكر. وإذا هجرها من أجل ذلك أو طلقها كان ظالمًا بلا ريب.
إذا كان الزوج يريد التطليق والزوجة ترغب في البقاء معه، فلها أن تسقط له بعض حقوقها من القسم والنفقة حتى لا يطلقها.
وفي الختام، يجب على الزوجين أن يتوبا إلى الله وأن يسارعا إلى إصلاح ذات بينهما. فقد قال سبحانه: "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم" (الأنفال: 1)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين".
والله أعلم.