الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
يعد الرسم من الفنون التي حظيت باهتمام كبير في الإسلام، وقد اختلف العلماء في حكمه بين الحلال والحرام. جمهور أهل العلم يرى تحريم رسم ذوات الأرواح باليد، مستندين إلى أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية. يقول الله تعالى في سورة الأنعام: "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ" (الأنعام: 45). وفي الحديث الشريف، روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله".
ومع ذلك، هناك استثناءات في هذا الحكم، حيث أجاز بعض العلماء رسم ذوات الأرواح للأطفال لغاية تعليمهم ما يصلحهم، وأن يأنسوا به، قياساً على إجازة النبي صلى الله عليه وسلم اللعب بصور البنات لعائشة. كما أجاز البعض الرسوم الإلكترونية التي لا تشتمل على ما يخل بالعقيدة والأخلاق اعتمادا منه للتفريق بين ما لا ظل له من الصور وما له ظل.
فيما يتعلق برسم ذوات الأرواح، يجب على المسلم طمسها أو محوها؛ فقد قال علي رضي الله عنه لأبي الهياج الأسدي: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا صورة في بيت إلا طمستها".
أما بالنسبة لرسم غير ذوات الأرواح، فهو مباح ومشروع، ويمكن للمسلم أن يستخدم موهبته في هذا المجال. ومع ذلك، يجب على المسلم أن يحرص على أن تكون رسوماته خالية من أي شيء يخل بالعقيدة أو الأخلاق.
في الختام، يجب على المسلم أن يحرص على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل أموره، وأن يبتعد عن كل ما حرمه الله تعالى. والله أعلم.