في سطور هذا المقال، سنتعرف على مجموعة بارزة من الصحابة الذين شرفهم الله تعالى بالمبشرين بحسن الجزاء والنعيم المقيم في جنات الخلد؛ وهم العشرة المبشرون بالجنة. هذه الندرة الفريدة لم تكن مجرد تكريم لشخصيات عادية، بل كانت امتداداً لصفاء قلوبهم وصدق ولائهم وتجرد عملهم في سبيل دين الإسلام ونصرة نبيه الكريم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.
يمثل هؤلاء الرجال ركيزة أساسية لتاريخ الدعوة الإسلامية الأوائل، وقد اختارهم الله عز وجل ليس فقط لقربهم الشديد من خير البرية - النبي محمد صلى الله عليه وسلم- ولكن أيضاً لاستقامتهم وحسن أخلاقهم وشجاعتهم التي تفوق الوصف. وإن دراسة سيرتهم ومعرفة قصص حياتهم يمكن أن تكون مصدر إلهام لنا جميعا للتوجه نحو العمل الصالح والإخلاص لله سبحانه وتعالى.
كان أول مبشّر هو أبو بكر الصديق، زوج بنت الرسول وخليفته الراشد الأول، والذي يُعتبر صاحب أول إيمان بعد رسول الله نفسه. فقد كان درع هداية ضد الشبهات وضد كل أنواع الضغوط الخارجية أثناء فترة دعوته الأولى قبل ظهور الدين للعالم أجمع. أما ثاني المعلومين فهو عمر بن الخطاب، القوي الجسدي والقائد الحازم والعادل الذي استمر في كفر حتى سمع القرآن مباشرةً من رسول الله فأعلن إسلامه فورياً بتلك اللحظة التاريخية المؤثّرة جدا.
ثم يأتي علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول وأحد أقرب الناس إليه روحانياً وعلمياً. لقد شهد غزوات كثيرة مع النبي وكان له دور كبير في الفتوحات الإسلامية تحت قيادة الخلفاء الراشدين لاحقا. كذلك يذكر اسم الزبير بن العوام، أحد السابقين إلى الإسلام والسابقين في الهجرة أيضًا، وهو أحد الأشخاص الذين شاركوا في الغزوات الرئيسية مثل بدر وأحد والخندق وغيرها مما يدلل على مكانته الخاصة لدى المسلمين كافة.
ومن بين هؤلاء أيضا حمزة بن عبد المطلب العم الأكبر للنبي والشقيق لأمه آمنة بنت وهب. رغم أنه عاش حياة شرسة قبل دخوله للإسلام لكن ما ان دخل فيه إلا وتغير مجرى حياته تماما ليصبح الشهيد الأول للدين ومسمى "أسد الله وأسد رسوله". كما نهج نفس النهج المقداد بن الأسود، الذي اتخذ موقف دفاعي عن الإسلام منذ بداية نزوله ولم يتردد لحظة واحدة طوال حياته فيما يتعلق بالإيمان ودعم الدعوات الإسلامية المختلفة.
كما تضمنت قائمة البشارة سعد بن الربيع وابن عمه الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن الجراح المعروف بشجاعته وطاعته للرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين. بالإضافة إلي طلحة بن عبيدالله الذي اشتهر بماله الواسع وكثيرا مانفق خلال الغزوات لمساعدة الجيش المسلم وبالتالي اكتساب احترام الجميع بما فيها احترام خصومه الأمويين لاحقاً بسبب عدالته الواضحة وصبره الديني الكبير.
وفي الأخير وليس آخر قائمة المبشرين سعيد بن زيد أحد الثلاثة الذين اجتمع بهم النبي مرة داخل كهفه هارباً من المشركين. لقد أثنى عليهم الرسول بكلام مؤثر للغاية حين قال لهم:"أنتم خيار أمتي"، وهذا يؤكد مدى تأثير شخصيتكم الإيجابي على المجتمع بشكل عام وإمكانية تقليد أعمالكم النبيلة للأجيال القادمة والحاضر والمستقبل بإذن رب العالمين جل وعلى. إن ذكر هؤلاء الأفاضل لن ينسى أبداً ولن يغادر صفحات كتب تاريخ الإسلام مهما مر الزمان وسارت السنين خلف بعضها الأخرى، فهم القدوة لكل مسلم حقيقي يسعى للسعادة الدائمة وليكون جزءاً فعالا ومنجزاً لهذه الحياة الدنيا وفي الآخرة أيضاً.