ولد النبي نوح عليه السلام، أحد أهم الأنبياء في التاريخ الإسلامي والتاريخ اليهودي والمسيحي أيضًا، في مدينة مكة المكرمة وفقا للتقاليد الإسلامية والعربية القديمة. وعلى الرغم من عدم وجود توثيق تاريخي محدد حول هذا الأمر، فإن العديد من الروايات الدينية والإسلامية تشير إلى أن مكان ميلاده كان بمنطقة تسمى "عرفة" بالقرب من جبل الرحمة، وهو المكان ذاته الذي يقام فيه الحج الأكبر سنوياً.
في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ورد ذكر قصة تعود جذورها إلى زمن نبينا الكريم حيث تقول إن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد حمل ابن ابنه إسماعيل -والذي أصبح فيما بعد جدّاً لنوح عليه السلام- إلى منطقة مكة المكرمة وتركته هناك بناءً لتوجيه إلهي، وذلك قبل فترة طويلة من ميلاد نوح نفسه. هذه القصة تسلط الضوء على ارتباط وثيق بين عائلة النبي نوح ومكة المكرمة منذ القدم.
وفي القرآن الكريم، يُذكر اسم مكة بشكل متكرر كرمز للإيمان والصمود رغم الشدائد. ففي الآية {ومن ربكم ومنه آيات بيِّنات} [الروم: 26] يشير العلماء إلى احتمال أنها تشير إلى موضع الميلاد المبارك للنبي نوح بن لامك بن متوشالح بن أخنوخ بن شيث بن آدم عليهم جميعا الصلاة والسلام. وهذه الرابطة التشريعية تعتز بها الثقافة العربية والإسلامية حتى يومنا الحالي.
بذلك، يمكن اعتبار مكة المكرمة موطن الولادة الأصلي لواحدٍ ممن أكثر الأنبياء شهرة وتقديسا عبر مختلف العقائد الدينية العالمية -النبي نوح عليه السلام-. إنها ليست فقط بمثابة نقطة بداية لسفر روحي مميز بل أيضا رمز عميق لقيمة الأصالة والحكمة التي ظلت حاضرة طوال القرون المتلاحقة.