في الإسلام، يحظى حق الجار بتقدير كبير وشرف سامٍ، فهو حق ديني واجتماعي يعززه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. إن التعامل الأخلاقي مع الجيران ليس مجرد أمر مستحب، بل هو فرض عين لكل مسلم وفقًا لما جاء في العديد من النصوص الشرعية. فيما يلي ثلاث قصص توضح أهمية واحترام حق الجار كما تناقلتها السنة المطهرة:
النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجاره أبو أيوب الأنصاري
روي أنه عندما انتقل النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الطائف نحو المدينة المنورة، طلب منه أبي أيوب الأنصاري مساعدته بإعداد مكان الإقامة لنفسه ولصحبه. تجسد هذا الفعل عمق محبة الجار واحترامه لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يدل على مدى تقديره لحقه.
أبو جهم العدوي وجاره سعيد بن العاص
بينما كان أبو جهم العدوي يرغب في بيع منزله، تفاجأ الجميع عندما طرح سعر البيع مشتملاً على ثمن المنزل نفسه بالإضافة إلى الاستمتاع بجوار الشخص المحترم سعيد بن العاص! لقد فهم تمامًا عظمة ارتباط الإنسان بدائرته الاجتماعية المقربة وعلم أنها تحمل قيمة غير مادية لا يمكن تحديدايتها بمال.
أبو حنيفة النعمان وجاره أبو حماد
برغم اختلاف طبائع الأشخاص، ظل أبو حنيفة النعمان ثابتاً تجاه مشاعر الرحمة والحنان اتجاه كل البشر. فحين تعرض أحد جيرانه لأزمة بسبب اعترافاته الشخصية أمام العامة تحت تأثير الكحول، هرع لمساندته وإخراجّه من السجن مهدياً له هدية صغيرة ليبدأ حياة جديدة خالية من المعاصي والإدمان.
إن هذه الأمثلة وغيرها الكثير تساهم بكشف نواحي عديدة لقيمة الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع الواحد، وهي دعوة للاستفادة منها وتعزيز بناء مجتمعات متماسكة قائمة على روح الأخوة والتراحم الإنساني.
حق الجار في القرآن الكريم
تحكي آيات كريمة كيف تناول كتاب الله العزيز موضوع حقوق الجيران بشكل مفصل ومتنوع لتوضيح شموليته للأمر. ففي سورة النساء، نجد توجيهات واضحة تقضي بعدالة التعامل وعدم التحيز للجيران المختلفين سواء كانوا أقارب أم غرباء أم غير مرتبطين بنا بعلاقة مباشرة ("واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجيران ذوي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب"). تبقى تلك التعليمات رسالة جامعة حول أهمية تطبيق أعمال البر والاستقامة خارج دائرة المصالح الذاتية الضيقة باتباع رؤية شاملة للحياة العملية المثالية ضمن المجتمع المسلم.
