تحظى أواخر سورة البقرة بمكانة خاصة لدى المسلمين لما لها من فضائل عظيمة. فقد صح حديث نبوي شريف عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استُخدِم في أعلى مقامٍ عند سدرة المنتهى عندما حصل على العطاء الرباني الخاص بسورتي البقرة والمعوذتين.
وتعد هذه الآيات الأخيرة لسورة البقرة، والتي تحمل اسم "الخواتيم"، جزءاً أساسياً من السنة النبوية المطهرة. ففي صحيح مسلم، يروي الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قوله: "بينما جبريل يقعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع نقضاً من فوقهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم ونزل منه ملك.."، مُبشراً نبينا محمد بالأجر والثواب العظيمين لهذه الآيات المباركة.
ومن بين مزايا هذه الآيات أنها حصن ضد كل شر ومصدر لحماية المؤمن من حسد العين والسحر والشيطان الرجيم نفسه. كما أكدت الروايات النبوية الأخرى هذا المعنى، مثل ما جاء عن الرسول الكريم أنه قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابرًا، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة". وكذلك الأمر بالنسبة لعلاج العين والسحر، إذ يستشهد بعض علمائنا بما روي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشأن القراءة باستمرار بسورة البقرة لمن أصابه عين أو سحر.
بالإضافة لذلك، تعدل قراءة هاتين الآيتين عملاً يقوم به الشخص طوال الليل كاملاً حسب اعتقاد أهل العلم. وقد شعر الشيخ الكبير حسن البصري بهذا الثبات والتأكيد قائلاً بعد الانتهاء منها: "يا لك من نعمة يا لك من نعمة!". وبالتالي فهي فرصة سانحة لكل مؤمن ليجد فيها مكافأة بسيطة ولكنه مجزية للغاية مقابل تكلفته الصغيرة نسبيًا.
وفي الختام، فعلى المرء دائمًا الحرص على أدائها خلال ساعات الليل بدافع خشية عدم النوم بدونها نظرًا لغزارة البركات المرتبطة بها. وهكذا نحافظ بتطبيق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم على تحقيق أكبر قدر ممكن من التقرب إلى رب العالمين والدفاع عن ديننا الإسلامي بالقوة المشتركة للذكر والاستقامة.