الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
تشقير الحواجب هو موضوع حديث بين النساء في مجتمعنا المعاصر، وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكمه. بعضهم منعته، بينما رأى آخرون إباحته. وفيما يلي دراسة فقهية لهذا الموضوع بناءً على الأدلة الشرعية.
أولاً، يجب أن نذكر أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل على التحريم. هذا مذهبنا، كما قال السيوطي رحمه الله تعالى: "الأصل في الأشياء الإباحة، حتى يدل الدليل على التحريم". وهذا مذهبنا، وعند أبي حنيفة: الأصل فيها التحريم حتى يدل الدليل على الإباحة.
ثانياً، لا شك في صحة ما ذكر في السؤال؛ أن الشيء الذي لم يحرمه الله تعالى وسكت عنه فهو عفو. فقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن ما لم يحرمه الله تعالى وسكت عنه فهو عفو. عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحل الله فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو".
ثالثاً، لا يوجد دليل شرعي صريح يحرم تشقير الحواجب. بعض من منعوه استدلوا بأن التشقير تغيير لخلق الله، كالنمص وتفليج الأسنان. لكن هذا التعليل غير قوي، لأن التشقير إنما هو صبغ لشعر الحواجب بلون الجلد بحيث يبدو محددًا مرسومًا، وليس في هذا تغيير لخلق الله المنهي عنه.
رابعاً، إذا نظرنا إلى تشقير الحواجب من منظور التشابه مع النمص المحرم، فإن الأمر يصبح أكثر تعقيداً. لكن يجب أن نلاحظ أن التشقير ليس بالضرورة يشبه النمص تماماً. ففي النمص يتم ترقيق الحواجب أو إزالتها تماماً، بينما في التشقير يتم صبغ الشعر بلون الجلد فقط.
خامساً، إذا كان تشقير الحواجب يترتب عليه غش أو تدليس على الخاطب أو ما أشبه ذلك، فإن ذلك يصبح محرماً. أما إذا كان بدون غش أو تدليس، فإن الأصل في التشقير الإباحة.
ختاماً، يمكن القول إن تشقير الحواجب جائز -فيما يظهر لي- لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح وتعليل قوي يوجب الانتقال من هذا الأصل. ولم أجد عند من حرَّم التشقير دليلاً يصح التعويل عليه في التحريم. والله أعلم.