كان قوم ثمود أحد الأمم القديمة التي ذكرت في القرآن الكريم ضمن مجموعة الشعوب التي جاءتهم الرسل والأنبياء لإرشادهم نحو الطريق الحق. يُعتبر هذا القوم جزءاً مهماً من تاريخ الدين الإسلامي وتراثه الثقافي. وفقا للتقاليد الإسلامية والعربية، عاشوا في منطقة الحجر الواقعة بين مدينتين مهمتين هما المدينة المنورة ونجران اللتان تبعدان حوالي مائتان وخمسون كيلومتراً شمال غرب مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية حالياً.
تميزت حضارة ثمود بتقدمها الزراعي الكبير؛ فقد كانوا معروفين بكفاءتهم في استخدام المياه الجوفية عبر نظام متطور للحفر واستخراج الماء تحت الأرض، والذي ساهم بشكل كبير في توسع زراعتهم وانتشار محاصيلهم المختلفة مثل النخيل والتمر والشعير والقمح وغيرها الكثير مما ساعدهم على بناء مجتمع مزدهر ومستقر نسبياً. ومع ذلك، فإن غرورهم وتكبّرهُم أمام رسلهم جعلتهم يرفضون الإنذارات الإلهية ويصرون على العناد والاستمرار بطريق الضلال حتى عاقبهم الله بسبب عصيانهم ودعاؤه عليهم بالدمار والزوال كما ذكر في العديد من الآيات القرآنيّة منها قوله تعالى "فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟".
ومن الجدير بالذكر هنا قصة هلاك قوم ثمود والتي تعتبر درساً وعبرة لكل الأجيال جيلاً بعد جيل. قام نبي الله صالح عليه السلام بإرسال عدة إنذارات اليهم طالبًا منهم التدبر والنظر فيما حوله ولكن لم يستجب لهم إلا نفر يسير بينما ظلت الغالبية تعاند وتستهزئ بموعظة النبي والصالح الموعد الذي وعدوه إياه وهو ظهور الناقة المعجزة كعلامة صدقه وإنذاره النهائي لهم قبل يوم القيامة. وبعد فترة وجيزة ظهرت تلك الناقة المباركة وسط جبلي أصفر وأبيض بذات المكان الذي اختاره الله سبحانه وتعالى ليكون مصداقاً لعهد رسول رب العالمين إليهم وبشرى للمؤمنين الذين آمنوا برسالة نوح إبراهيم موسى وعيسى وكل الأنبياء السابقين وفي مقدمتها محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين. لكن رغم كل هذه الأدلة المقنعة رفض شرار بني آدم حقائق الحياة الأخرى وانتهجوا الطريق المحظور والمذكور سابقاً برغبتهم الشديدة لتغيير خلق الله المعمول بعلمه القديم المستقيم، فأرسل الله الصيحة التي دمرت مساكنهم وحفظ المؤمنين المؤيدين لنبيّه وتم إعلام المؤرخون بما حدث للقوم المتغطرسين ضد نبيه الأعظم منذ القدم...