في التاريخ الإسلامي العريق، هناك العديد من القصص المبهرة التي تُثبت قدرة الله تعالى وعظمته. واحدة من هذه القصص هي قصة النبي عيسى بن مريم عليه السلام، والذي يُعتبر مثالاً كبيراً للطفل المتحدث في المهد. هذا الحدث ليس فقط جزءًا مهمًا من العقيدة الإسلامية، ولكنه أيضًا مصدر للإعجاب والتأمل حول قدرات الإنسان غير الطبيعية تحت توجيه الرب.
ولد نبي الله عيسى في بيت لحم بفلسطين، وهو ابن امرأة فاضلة وهي سيدة البتول مريم عليها السلام. وفقًا للتوراة والإنجيل والإسلام، فقد حدثت معجزة عند ولادته عندما بدأ بالحديث منذ اللحظة الأولى لولادته. يذكر القرآن الكريم هذا الأمر في أكثر من موضع، مثل قول الله عز وجل: "وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا". هنا، يشير الكتاب العزيز إلى حديث عيسى عن نفسه بأنه سيكون بارك الله فيه ويدعو الناس لعبادة الخالق الحق والصلاة وصلة الرحم.
هذه المعجزة ليست حدثا عابرًا فحسب؛ بل إنها دليل قاطع على رسالة النبوة التي يحملها عيسى عليه الصلاة والسلام. فقدرة الطفل الحديث في المهد على الإدلاء بهذا النوع من التعابير الدينية العميقة تشير إلى أنه رسول خُلق بمهمة خاصة - حمل الرسالة الإلهية للأرض. لقد كان كلامه في ذلك العمر مجرد تأكيد لإرادته الحرة وإخلاصه الروحي تجاه مهمته المقدسة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حديث الأطفال الأبرياء غالباً ما يستثير الدهشة والحيرة بين البشر بسبب نقائهم وتواضع فهمهم للعالم. ولكن في حالة نبي الله عيسى، كانت الكلمات تحمل رسائل عميقة ودلائل واضحة على هويته ومهمته المستقبلية الرائدة. وهكذا، أصبح حديثه في المهد رمزًا للتواصل المباشر بين الجنة والأرض وأن الله قادرٌ على تحقيق الأمور فوق الظروف الطبيعية عندما يريد ذلك وفي سبيله سبحانه وتعالى.
وفي الختام، يبقى حديث عيسى في المهد علامة فارقة في تاريخ الدين الإسلامي والعقائد الأخرى المرتبطة بحياة المسيح عليه السلام. فهو يعكس القدرة الهائلة للنبوءات وكيف يمكن لله تحويل مسار الحياة البشرية نحو غاية سامية عبر وسائل تبدو خارقة للطبيعة لكنها تتوافق تمام الانسجام مع حكمته وحكمه المطلق.