في سياق الإسلام العميق، يتم التعريف بالتفصيل عن صفات المنافقين بناءً على الأحاديث النبوية الشريفة والأيات القرآنية. هذه الصفات ليست مجرد تصنيفات سطحية للحالة النفسية للإنسان، بل هي مؤشرات حاسمة تشير إلى نواياه الحقيقية والتناقضات بين قوله وفعل.
أولاً، يعتبر عدم الوفاء بالعهود أحد أكثر سمات المنافقين وضوحاً. كما ذكر الله تعالى في القرآن الكريم "وَيَخْلُفُونَ مَا عَاہَدُوا۟ اللَّـهَ عَلَيْهِ وَيَخْتَلِفُونَ" (الأحزاب:75). هذا يعني أنه بينما يدعي هؤلاء الأفراد الإيمان والدعم للتعاليم الإسلامية، فإن أعمالهم تخالف ذلك بشكل دائم.
ثانياً، هناك أيضاً غياب الصدق والكذب المستمر. النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال "بُنِيَ الإِيمانُ علَى ستِّ خِصالٍ: شهادةُ أَنَّ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ محمّدًا عبده ورَسولُهُ وإقامُ الصلاةِ ومَنْ أعطا مالَه وسَرَّه وأعجَبَه فذاك إيمانٌ، وإنما الباقي زادٌ فمن كثر منه فهُو خير له ومن قَلَّ فهو شرّ"، ثم بيّن بعض علاماته مثل "والذي نفسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ ما بكذِبٌ لسانٌ منافِقٍ". هنا يشير الرسول إلى أهمية الصدق باعتباره أساس الإيمان وبأن الكذب هو إحدى سمات المنافقين الرئيسية.
ثالثاً، يعد الجبن والخوف من مواجهة الحق وعدم الثبات فيه جزء آخر من شخصية المنافق. يعبر القرآن عن هذا في الآية "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا۟ إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا۟ كُسَلًا" (النساء:142).
رابعاً، يمكن رؤية استهزائهم بالدين وتحقيره من خلال الأقوال والأفعال. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المقدس "إِنَّ الْمُنافِقِینَ یستَهزیءون بی وبالیوم الآخر ولایکتسبهما وهم معدودون" (البروج :9-10). هذا الاستهزاء ليس فقط تجاه الدين نفسه ولكن أيضا تجاه أولئك الذين يؤمنون ويطبقون تعاليمه.
خامسا، يتضح انحياز المنافقين لأعداء المسلمين وحلفهم معهم رغم ادعاءات الولاء للمؤمنين. كما جاء في الحديث القدسي "المنافق ثلاثة...". ضمن هذه الثلاث خصائص ذكرت خاصية الانقلاب ضد المؤمنين والاستعداد للأذى لهم وهو استجابة مباشرة لإرشادات عدوهم, مما يكشف سوء نيتهم ونفاقهم المعلن وغير المعلن.
وأخيراً وليس آخراً، فإن التجارة بالنبي والمؤمنين والمال تعد كذلك واحدة من صفات المنافقين الأكثر شهرة. فقد ورد في الحديث الشريف ".. ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا…" ضمن تلك الصفات كانت تلك الخاصية الدالة على العملاء والساعين للتآمر لصالح المال والحصول عليه بطرق غير مشروعة حتى لو أدى الأمر لتحويل الناس ضد رسول الله أو صحابيته.
وبهذا نرى كيف تميز الإسلام صفاته الخاصة بالمنافقين بإيجاز عميق وشامل, عبر فهم متعدد الأبعاد للشخصيات التي تتسم بتلك الصفات سواء داخليا أم خارجياً, والتي قد تبدو صادقاً ظاهريّا ولكنه كامنة خلف تبريرات ومعتقدات خاطئة داخلياً تعتمد عليها دوافعه الغير واضحه وما يخفيه قلب الإنسان الزائف تحت ثوب التقوى الخارجي.