نزلت سورة "والمرسلات" في مكة المكرمة، كما ذكر جمهور المفسرين، باستثناء الآية التي تتحدث عن المنافقين (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ)، والتي نزلت في المدينة المنورة، وفقًا لابن عباس ووقتادة. وقد حدد ابن مسعود رضي الله عنه مكان نزول السورة بالتحديد، حيث قال: "بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه 'والمرسلات عرفا' فإنه ليتلوها وإنني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'اقتلوها'، فابتدرناها فذهبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: 'وقيتم شرها كما وقيتم شركم'".
وتعد سورة "والمرسلات" من السور التي تهدف إلى التخويف والوعيد، حيث تكررت الآية "ويل يومئذ للمكذبين" (١٥) لتذكير المكذبين بعاقبة تكذيبهم. وتقسم السورة مخلوقات الله التي لها صلة مباشرة بالخلق، مثل الرياح والملائكة والرسل، لتؤكد على قدرة الله وعظمته.
وقد ذكر ابن كثير أن "المرسلات" هي الرياح، كما جاء في قوله تعالى: "وأرسلنا الرياح لواقح"، وأن "العاصفات" هي الرياح التي تهب بصوت عالٍ. أما "الناشرات" فهي الرياح التي تنشر السحاب في السماء. وبهذا، فإن السورة تؤكد على قدرة الله في خلق هذه المخلوقات وتوجيهها حسب مشيئته.
وفي نهاية المطاف، فإن سورة "والمرسلات" تهدف إلى تذكير الناس بعاقبة تكذيبهم وتوجيههم إلى التفكر في آيات الله في الكون وفي أنفسهم، لتكون عبرة لهم وتنذرهم بعاقبة التكذيب.